14 سبتمبر 2025

تسجيل

الليلة بأكثر من 3 ملايين يا مجانين

03 سبتمبر 2018

سبق لي أن كتبت معلنا أنني لن أزور أي دولة عربية كسائح، صونا لنفسي من البهدلة والمرمطة في السفارات، حيث تتقدم بطلب تأشيرة سياحية فيتعاملون معك وكأنك شخص ملغوم أو مفخخ وقابل للانفجار، وبعد أن تبتلع كرامتك وتحصل على التأشيرة، وتنزل في مطار البلد المنشود يعاملونك وكأنك قادم من كولومبيا حاملا طنا من الهيروين في جيوبك الأنفية، وبعض ضباط الجمارك العرب يفتح فمك ويسألك: دي حشوة ذهب ولا زئبق؟ تود لو تصيح: مالك أنت لو كانت حشوة من صفيح أو تبن؟ ولكنك تضطر إلى إدخال إصبعك في فمك، لتشد جانبا منه وتقترب من صاحب السيادة، ليتأكد من أن الحشوة طبية، ولا تخفي قنبلة عنقودية، أو سبعة أيفونات تهربا من الجمارك! وتفاديا لمثل هذه المواقف، فإنني أكثر من أكل البصل قبل الهبوط في المطارات العربية، حتى يضطر مسؤولو الجوازات والجمرك إلى التخلص مني بسرعة، لأنني أحرص على نفث عطر البصل في وجوههم أثناء الرد على أسئلتهم العجيبة! ولكن ولله الحمد، فقد اكتشفت مكانا رهيبا لقضاء العطلة الصيفية، بعيدا عن العرب المُعْربة والممنوعة من الصرف: إنه فندق ماركيز لوس كارلوس في باخا كليفورنيا في المكسيك المطل على بحر كورتيز، ويضع الفندق تحت تصرفك يختا فارها، وحوض الاستحمام في الغرفة يتسع لخمسة أشخاص. لماذا؟ كلك نظر! وصاحب العقل يميِّز. ويقوم طباخ خاص بك بإعداد الطعام حسب مزاجك (المكسيكيون مثل السودانيين يحبون الشطة وبيننا وبينهم ود، فقد حاربت كتيبة سودانية في المكسيك خلال النصف الأول من القرن الماضي ومن أفرادها من بقي هناك لتحسين النسل – نسل المكسيكيين طبعا – ومنهم من عاد إلى الوطن بعد أن كتبت له السلامة. ولكن قولوني لا يسمح لي بتعاطي الشطة، ومن ثم فإنني سأطالب بطباخ يجيد إعداد الفول والطعمية والويكة التي هي البامية المجففة)، ولا تسأل عن نوعية السكن في الفندق، لأنه يقدم لك غرفا تسمح لك باستضافة عائلتك وأمك، وجميع اللي خلفوك وأصدقائك وحماتك (إذا كنت ناقص العقل). كل هذا ببلاش تقريبا: ثلاث ليال فقط بثمانية ملايين وأربعمائة ألف دولار! واحسب أنت كم كلفة الليلة الواحدة، ولا يخفى عليكم أن أبا الجعافر لن يستطيع تحقيق هذا الحلم حتى لو كان قد نجح في الزواج بالمطربة الراحلة صباح، وجعلته وصيا على ما تبقى من ثروتها التي جمعتها من الغناء والتمثيل على مدى سبعين سنة، والتي ضاع معظمها في عمليات شد البطن والوجه وإزالة التجاعيد من سائر أعضاء جسمها! لكن أملي عظيم في أن أجد "فاعل خير" يتبناني في هذا المشروع الحيوي، علما بأن الحجز يجب أن يتم قبل موعد الوصول المحدد بستة أشهر، وها هو صيف العام المقبل على بعد تسعة أشهر فقط لا غير، فأرجو التعجيل بمسألة التبني والتبرع، آخذا في الاعتبار أن أشهر من أقام في ذلك الفندق هم أوبرا وينفري مقدمة البرنامج الحواري الأمريكي الذي يحمل اسمها، وهالي بيري الممثلة التي حصلت على الأوسكار، وبيونسي ناولز المطربة التي حصدت عشرات الجوائز منذ أن تركت فرقة "ديستينيز تشايلد". والثلاث سوداوات، ولكن سوادهن مغشوش؛ لأنهن أميركيات، بينما أبو الجعافر أسود "أصل بلاده". سواد مصفى، وبشرته بأكملها "خال الخليلي". ولكن هل تريدون الصراحة: والله لو عرض علي صاحب الفندق ذاك أن أقيم فيه مجانا لأي فترة أريد، لما قبلت العرض؛ لأن مجرد التفكير في أن شخصا ناقص العقل يقيم إلى جواري نظير قرابة 3 ملايين دولار في الليلة الواحدة، سيجعلني أفكر في قتله!