17 سبتمبر 2025

تسجيل

إتجاهات العلاقات السودانية الصينية

03 سبتمبر 2015

دعونا نتماهى في التعليق على هذا الخبر، وندور حوله ونسأل مستغربين: ألم يجد الناطق الأمريكي قضية أجدى من هذه لكي يبدأ بها لقاءه اليومي مع الأجهزة الإعلامية، فحديثه هذا هو من باب فضل الحديث الذي سكب فيه الفقهاء الأقدمون مداداً كثيراً. وقالوا إنه يضّيع وقت المتحدث والمستمع معاً بلا جدوى. ويأخذ من حسناته، بمعنى آخر هو حديث خارم بارم لا يؤخذ مأخذ الجد، مثل تصريحات الرئيس الأمريكي المترددة في بداية انفجار الثورة السورية الذي برر فيها تردده في دعم المعارضة السورية بأنه يبحث عن معارضة معتدلة لكي يدعمها خوفاً من أن يذهب ذلك الدعم إلى جماعات متطرفة، وكانت النتيجة أن الزمن الذي أضاعه الرئيس الأمريكي في بحثه عن الجماعات المعارضة المعتدلة هو الذي هيأ للجماعات المتطرفة ما هي فيه من نجاحات عسكرية، بالطبع يضاف توهان الرئيس إلى ارتباك وزير خارجيته وتعامله الهش مع مواقف نظيره الروسي المستفزة واستهانته بأماني شعوب المنطقة. توهان الرئيس وارتباك وزير خارجيته قادا المنطقة إلى ما هي فيه من كوارث يتسع محيطها مع كل فجر جديد لكي يتسع الخرق على الراتق، ولكي تزداد حيرة الحائرين الذين لم يجدوا إجابات مقنعة عن السبب الحقيقي لتقاعس الدولة القطب عن فعل ذي بال على مدى الأربع سنوات الأخيرة التي جنّ فيها جنون التطرف وتعدى كل الحدود. ولماذا تفادت الدولة القطب تقديم إجابات موضوعية، لا شك أنها تعرفها مثل السؤال عن مصادر القوة العسكرية التي تمتلكها الجماعات المتطرفة لاسيَّما داعش: كيف تم الحصول عليها؟ ما هو مصدرها؟ ما هو هدفها النهائي؟ ومن هم الضحايا القادمون في الطريق لهذه الهجمة الإرهابية الشرسة؟، نعم، لم تنشغل إدارة الرئيس أوباما بتوفير تلك الإجابات الموضوعية إلى من يهمه الأمر، لاسيَّما إلى الضحايا منهم، ولكن لماذا؟ وهل فشل مساعدو الرئيس أوباما في أن يقدموا له ما يعينه على تبني منهج واضح يعينه في التصدي لخطر الكيانات المتطرفة الذي أصبح اليوم خطرا عابرا للحدود ويخشى أن تستعصي مواجهته في المستقبل المنظور؟ وهل ضخم له كبار قادة إدارته الأمور عن قصد بما حمله على التردد الذي أضرّ بصورة الرئيس الذي توسمت فيه الكثير من الشعوب خيرا كثيرا؟ خذ مثلا تصريحات رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة التي أدلى بها في وقت سابق من هذا الشهر والتي زعم فيها أن التحالف الدولي مجتمعا يحتاج إلى عشرين عاما لكي يهزم تنظيم الدولة الإسلامية. تضخيم قوة الجماعات المتطرفة بهذا الشكل يثير الريبة، ولأنه غير قابل للتصديق، فهو يفتح المجال للبحث عن الأسباب الحقيقية من وراء إطلاقه، فهو تصريح لا يحترم عقول المخاطبين، ولكنه يتناغم مع تصريح مسؤول كبير آخر هو المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية الذي طلب من الصين أن تقوم بتوقيف الرئيس السوداني البشير لحظة دخوله الأراضي الصينية في الثالث من سبتمبر جزاء وفاقا على جرائمه ضد الإنسانية في دارفور، أمريكا وناطقها الرسمي يعرفان أن هذا التصريح هو من فضل الحديث الذي لن تأخذه الصين مأخذا جادا، ومع ذلك تشغل به الفضائيات المتعطشة لأي كلام مثير ويرفع حاجب الدهشة على قول الشاعر السوداني الشفيف.