10 سبتمبر 2025

تسجيل

إعادة كتابة التاريخ

03 سبتمبر 2002

اليوم هو الثالث من سبتمبر، قد يعني للبعض يوماً مميزاً، كأن يكون ولد أو تزوج أو تخرج من الجامعة في مثل هذا اليوم، يحتفل به بالطريقة التي يراها. واليوم بحد ذاته قد لايعني شيئاً كما يعنيه الحدث نفسه. فالأحداث تحفر أخاديد راسخة في ذاكرة الإنسان، يستطيع في بعض الأحيان أن يتذكر تفاصيلها بشكل عجيب ولكن قد يعجز أحياناً عن تذكر اليوم أو الوقت الذي حدث فيه هذا الحدث أو ذاك. والحدث ذاك اليوم قد يعني ذكرى انتهت، بانتهاء الحدث نفسه أو بداية لفترة زمنية يقاس فيها الحدث وتأثيره منذ بدايته وحتى الآن. الثالث من سبتمبر بالنسبة لدولة قطر، لم يكن ذكرى لحدث انتهى، بل كان لفترة زمنية بدأت في 1971م، ومستمرة إلى أن يشاء الله. وذكرى الاستقلال كما يشاء البعض أن يسميها لاتعكس واقع الحدث ذاته. فقطر لم تكن مستعمرة حتى تستقل، ولم نكن عبيداً حتى نتحرر. والتاريخ يشهد أن قطر لم يحكمها ولم يتصرف في أمورها إلا رجالها. ولم يكن الوجود البريطاني في منطقة الخليج إلا رمزاً لهيمنة سياسية لفترة محدودة أملتها ظروف معينة لم تكن لتغير من حقيقة أن قطر كانت حرة أبية شأنها بيد أبنائها. ونحن نحتفل بمرور الذكرى الحادية والثلاثين لذلك اليوم، لايعنينا ذلك اليوم بشيء بقدر ما تعنينا الفترة الزمنية منذ 1971م وحتى الآن. ولو استرجعنا شريط الأحداث في الساحة القطرية منذ 1971م ولمدة عقدين ونصف العقد سنجد أن ما حققته دولة قطر من انجازات يعد على الأصابع ولايتلاءم بأي حال من الأحوال مع الإمكانات المتاحة. وكانت قطر في تطورها كما شبهها أحد الصحفيين البريطانيين عندما قال إنها تتقدم كمشي السلحفاة. وقد كان محقاً، فقد تطورت دول الخليج الأخرى بشكل سريع لتجاري تطورات الزمن وبقيت رحى التطور في قطر تدور بشكل بطىء نسبياً. وجاءت الـسنوات الخمس الأخيرة من عمر هذه الدولة الفتية وكأنها إعادة كتابة لتاريخ الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي كل مجالات الدولة، وكأنها بدأت منذ 30 سنة. فما تم إنجازه خلال عهد سمو أمير البلاد المفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وولي عهده الأمين يعادل ما أنجزته دول كثيرة في عشرات السنين. فمسيرة التنمية والبناء والنهضة التي تشهدها الدولة لاتحتاج لمن يتحدث عنها، بل شواهدها تتحدث عن نفسها. وما أرغب أن أتحدث عنه هو اللمسات الذهبية الرائعة التي سطر بها أمير البلاد المفدى اسم قطر على الصعيدين المحلي والعالمي. فقد تبوأت الدولة في عهد سموه مركزاً متقدماً بين الأمم. وأصبح اسمها مرادفاً للحرية والديمقراطية والرأي والرأي الآخر، ومشاركة المرأة للرجل في شؤون الحياة السياسية. واللافت للانتباه في المسيرة التي تشهدها الدولة في ظل قيادة أميرها المفدى أن المواطن القطري ورقيه ورفاهيته هي الركائز الأساسية التي تعتمدها القيادة خلال الفترة الآنية والمستقبلية، حيث يتم التركيز على الارتقاء بالمستوى التعليمي لأبناء هذا البلد بإنشاء مدارس ومعاهد ومؤسسات تعليمية عالمية، وإفساح المجال للمشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي عبر إصدار الدستور والانتخابات البلدية والشورى. ورغم صغر مساحة الدول وقلة عدد سكانها إلا أنها أصبحت ذات تأثير وثقل سياسي أشاد به الكثير من الدول والمنظمات الدولية. وما رئاستها لمنظمة المؤتمر الإسلامي وتنظيمها بنجاح للكثير من المؤتمرات الإقليمية والدولية التي كان أبرزها مؤتمر منظمة التجارة العالمية إلا شواهد على تجربة رائدة مستمرة تعيشها قطر بفضل التوجيهات الحكيمة لأمير البلاد المفدى. ولن يكون الآتي - بإذن الله - بأقل مما مضى من عهده الميمون، وما يخطط له سموه سيجعل قطر محط أنظار العالم ومفخرة لكل قطري ومقيم في هذه الأرض الطيبة. ولن نبارك لقطر وأهلها بذكرى هذا اليوم فقط، ولكن نرفع أسمى آيات الاحترام والتقدير لصاحب السمو أمير البلاد المفدى وولي عهده الأمين وللشعب القطري على ما تم انجازه خلال فترة قصيرة من عمر هذه الدولة الفتية.. ونسأل المولى عز وجل أن يديم على سموه الصحة والعافية وعلى بلدنا الأمن والاستقرار. ولنا في كل عام وقفة مع هذا اليوم.. لا للبهرجة والاحتفالات ولكن لنحصي الإنجازات ولنضيف سطوراً من الذهب في سيرة قطر وأميرها.