14 سبتمبر 2025

تسجيل

الشارع المصري و"الكوما" الوطنية

03 أغسطس 2013

لمصر عمقها التاريخي والحضاري الذي يجعلها تؤثر في محيطها بل والعالم بأسره، وتلك حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها، وينبغي أن تواصل مصر تلك المسيرة الحضارية بما ورثته من تأسيس فكري وإنساني منذ الفرعونية وحتى اليوم، وحين يفقد المصريون القدرة على الاستمرارية في التأثير واستنهاض الوعي واستيعاب كل مبرز ومتميز في مجالات الحياة المختلفة فإن العلّة تكون في حال المصريين وتبدلها وضعفها وليس في الثابت المصري الأصيل وهي أن هذه البلد أرض الحضارة ومجمع الإنسانية. هواء مصر ليس كهواء غيرها، ومقامها يطيب بطيب أهلها وحسن معشرهم وحلاوة حديثهم ونبيل صفاتهم، وذلك طبيعي بما يستقيم مع قول الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى بقوله "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض. فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: لأنهم في رباط إلى يوم القيامة" وذلك تأكيد على قيمة وأهمية وتأثير مصر على مر الزمن، وفي ذلك مسؤولية أكثر منه ميزة للمصريين وعليهم واجب الحفاظ على تلك السمات الجليلة وألا يسمحوا لاختلافاتهم أن تباعد بينهم وتحدث الشقاق الذي أرهق غيرهم من الأمم والشعوب وأضعفها. الحالة السياسية المصرية الحالية ينبغي ألا تكون ثابتا مستقرا في وجدان المصريين في التعامل مع الرأي والرأي الآخر، فالاختلاف السياسي من طبيعة البشر ولكنه لا يصل حد الانفجار والإقصاء والعدائية التي تفرق وتجعل السياسة وممارستها معول هدم لحضارة شعب ووطن لطالما قدّم نماذج من الثبات السياسي والإنساني لغيره من شعوب الأرض، ولذلك فإنه مطالب بتجاوز الحالة الراهنة من عدم الاستقرار من خلال تعامل أكثر نضجا مع المتغيرات ومع الانقسام والاقتتال. أمام النخبة المصرية خيار صفر لا يقبل المزايدة أو المساومة وهو إنقاذ مصر من حالة التراجع السياسي والأمني والاقتصادي الحالية من خلال حلول ومقاربات واقعية تستوعب جميع الأطراف، والبعد عن المشاحنات والمشاجرات التي لا تليق بدولتهم التي تستحق أفضل من بقاء الملايين في الشوارع لكل هذه الفترة، وإدخال البلاد في حالة "كوما" وطنية مما يحدث، وشلل مضاعف لاقتصادها وحالتها السياسية وبالتالي بقاء مصر في حالة غليان وانفجار يهدد حاضرها ومستقبلها، واستمرار هذا الوضع لفترة طويلة ستترتب عليه قواعد جديدة لنمط الحياة وطبيعة الممارسة السياسية، ثم لا يمكن السيطرة عليه". ربي يحفظ أم الدنيا"