12 سبتمبر 2025
تسجيلتزعم مصادر التاريخ، المشوه عن عمد، أن ما تُسمى الحملات الصليبية على الأراضي الإسلامية انتهت عام 1291م بعدما استمرت لنحو قرنين، وبلغ عددها ثماني حملات، بدأ أولها عام 1096. فهل كانت فعلا «صليبية»؟ وهل بدأت وانتهت في التاريخين المذكورين؟ لقد كتب كثيرون من قبل في الإجابة عن سؤال «هل انتهت الحروب الصليبية؟». ورأى كثيرون، وهو ما أتفق معه بالكلية، أنها لم تنته على الإطلاق. لذلك أحسب أن هناك حاجة لدراسة أكثر عمقا حول الطبيعة الحقيقية لتلك الهجمات البربرية الشيطانية والأسباب الفعلية وراءها، ولماذا هي مستمرة ولم تنته. لقد اقتضت حكمة الله في خلقه أن تتطور الحياة على هذا النسق الذي نراه بكل ما فيه من مظالم وجرائم يرتكبها أعداء الإنسانية، «لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ». ولذلك تعاقبت القرون حتى جاءت الدولة الإسلامية فأخذت وقتها ثم ضعفت وذهبت ريحها. كما ظهرت الإمبراطورية البريطانية» (Pax Britanica) «باكس بريتانيكا». وكلمة باكس هي إضافة يُقصد بها استتباب السلام في العالم بفضل سيادة القوة المضافة إليها الكلمة. ثم تفككت باكس بريتانيكا وأخلت موقعها الإمبراطورية الأمريكية، (Pax Americana) أو «باكس أمريكانا» التي يخطط أعداء الإنسانية، منذ زمن، لكي يعلنوا زوالها، لتحل محلها الإمبراطورية اليهودية، (Pax Judacia)، أو «باكس يهودا»، والتي لن تقتصر حدودها على ما يسمى إسرائيل الكبرى حسبما يروجون، ولكنها تستهدف بسط نفوذها على الكوكب كله، وسيكون هذا هو التطبيق الحرفي لما يسمى الحكومة العالمية والنظام العالمي الجديد، والذي يبشرون به منذ فترة طويلة من خلال كتابات منها كتاب (The New World Order)، أو النظام العالمي الجديد (1991)، ومسلسلات وأفلام هوليودية شيطانية، من بينها فيلم (Revelation:Dawn of Global Government)، أو (الوحي: فجر الحكومة العالمية)، وغيره كثير. وأيضا من خلال طروحات سياسية مثل (Global Reset)، «إعادة ضبط العالم»، وتحدثنا عنه سابقا. كل ذلك تحت شعار(الحكومة التي ستنشر الرخاء والسلام في العالم الذي بات يحتاج لرأس واحدة تدبر شؤونه بعدما تشابكت وتداخلت المصالح في كل أنحاء الكوكب)، بحسب زعمهم. هنا نُذكّر سريعا بما وثقناه من قبل من أن أعداء الإنسانية من أسلاف وأحفاد ابن سبأ يعملون في خدمة الشيطان منذ أن خلقهم الله، ولذلك كان منهم قتل الأنبياء وهدم الإمبراطوريات وتشويه وتحريف الأديان، وأمور أخرى، هي من صميم حرب الشيطان على الإنسان، وهي من أسس صناعة الكفر، سنواصل تفصيلها لاحقا. ونذكِّر بأن بولس الرسول وهو شخصية رئيسية في العقيدة المسيحية، كان يهوديا تحول إلى المسيحية لهدمها من الداخل. وليس مفاجئا أن نضيف الآن أن البابا أوربان الثاني الذي كان وراء ما سُمي زورا بالحملات الصليبية، كان يهوديا من عائلة البيرليوني، التي عاثت فسادا في كنائس أوروبا في العصور الوسطى، بحسب باحثين بينهم د. علي الغامدي، ود. ريا السعدون. وهو أيضا ما ذكرته مصادر أجنبية منها كتاب «التأثير اليهودي في حركات الإصلاح المسيحية»- لويس نيومان. ومن المفيد هنا أن نذكر مقتطفا من خاتمة دراسة للدكتورة السعدون بعنوان «اليهود والاضطراب السياسي في روما.. تقول فيها (ويتبين أن الحروب الصليبية التي شنها المسيحيون (الغربيون) ضد المسلمين في الشرق كانت نتاج جهد يهودي بحت، كما يتبين إصرار اليهود على ارتقاء الكرسي الباباوي والمناصب الدينية المهمة، ليس في روما فقط بل في بعض الممالك الأخرى). وهي تؤكد أيضا ما سبق وأشرت إليه بشأن التأثير اليهودي على حركة الفلسفة في أوروبا ومن ثم على الشرق. يستفاد من ذلك أمران مهمان، أولهما أن من الخطأ الانخداع بتسمية تلك الحروب بالصليبية- فقد كان هدف أعداء الإنسانية منها خلق عداء دائم بين المسلمين والغرب- ووجوب تسميتها بالمسمى الصحيح وهو الحروب «الصهيوصليبية» أو بالأدق «الصهيوماسونية»، وثانيهما أنها لم تنته حتى اليوم ولن تنتهي حتى قيام الساعة. فالناظر بتمعن في حركة التاريخ سيرى أن الحملات «الصليبية» لم تتوقف ولم تنته وأنها كانت حملات صهيوماسونية من بدايتها. وقد فضح ذلك، بما لا يدع مجالا للشك، الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عندما تحدث عن حرب صليبية على ما سماه «الإرهاب» بعد «مكيدة» 11 سبتمبر. فكل ما فات لم يكن إلا مراحل متتالية في عملية بناء باكس يهودا. ومن هذه الزاوية سيرى الباحث في «دين» أعداء الإنسانية، وهو العلوم السياسية، أن موجة إقامة «الدول القومية» بعد الحرب العالمية الثانية لم تكن إلا لتبرير ظهور الكيان الشيطاني كدولة على المسرح العالمي. والقول الفصل في ذلك نجده في كلمة ألقاها حاخام يدعى إيمانويل رابينوفيتش في لقاء خاص لمجلس حاخامات أوروبا في بودابست بالمجر، (12 يناير 1952)، وتم كشفها ضمن وثائق أفرجت عنها الاستخبارات الأمريكية بتاريخ 28-3-2003. يقول: «علينا أن نبذل كل ما في وسعنا لإشعال حرب عالمية ثالثة، لن تكون بعدها أديان. إن الهدف الذي سعينا لتحقيقه بدأب كبير على مدى 3 آلاف سنة أصبح الآن في متناول أيدينا. ولأن تحققه أصبح واضحا جدا فهذا يُلزمنا بمضاعفة جهودنا وحذرنا أيضا. أستطيع أن أعدكم أنه خلال سنوات سيكون كل يهودي ملكا وسيكون كل الأغيار عبيدا. وسيبدأ حكمنا العالمي باكس يهودا لعشرة آلاف عام». كانت هذه نظرة الباحث في حقائق التاريخ، أما الباحث في حقائق الإيمان فلابد أن يلحظ أن كل تلك المخططات كانت تسير بخطى حثيثة حتى ما قبل طوفان الأقصى، لكن ما بعد ذلك هو في علم الله وحده. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.