15 سبتمبر 2025

تسجيل

لحظات حاسمة

03 يوليو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من المبكر القول أن الرهان على حل سلمي للملف النووي الإيراني هو رهان خاسر بالرغم من فشل إيران ومجموعة دول الخمس زائد واحد في التوصل إلى اتفاق نهائي في الموعد المحدد وهو الثلاثين من يونيو، غير أن الخلافات الحادة التي تفصل الطرفين هي حقيقية ولا يمكن لطرف التنازل فيها دون الخروج خاسرا حتى لو تم تقديم ذلك في إطار إيجابي، وبالتالي يحق لنا أن نشك في إمكانية التوصل إلى اتفاق حقيقي وإذا تم التوصل إلى اتفاق عندئذ يحق لنا أن نشك في صدقية المواقف المعلنة في السابق وربما يمكن التأسيس على هذه الحالة لفهم العقلية التي تحكم العملية برمتها ما يعني أن هناك إمكانية لأي طرف ألا يلتزم بالاتفاق إن تغيرت الظروف الجيوسياسية.بداية، تعارض إيران وبشدة فكرة أن تقوم وكالة الطاقة الذرية بالتفتيش بدون ضوابط على المنشآت الإيرانية وترفض الإجابة على مجموعة من الأسئلة بشأن الماضي وهي أسئلة ذات بعد عسكري، ويرى المتشددون في إيران أن في ذلك استباحة للسيادة الإيرانية وربما تفضي إلى إفشاء الكثير من الأسرار الإيرانية. وفي الوقت ذاته تطالب إيران بأن ترفع عنها العقوبات مرة واحدة بمجرد التوصل إلى اتفاق. وهذا الطلب في غاية الأهمية بالنسبة لقادة إيران نظرا لتراجع أداء الاقتصادي الإيراني الذي يترنح تحت شدة وطأة العقوبات.بالمقابل، يريد الغرب أن تفتح إيران منشآتها النووية كاملة ودون أي إعاقة للمفتشين الدوليين، كما تطالب مجموعة الخمس زائد واحد بأن تجيب إيران على أسئلة المفتشين وتصر على حق المفتشين بالالتقاء بالعلماء والموظفين الإيرانيين لاستجوابهم وترفض في الوقت ذاته فكرة رفع الحصار مرة واحدة مجرد توقيع الاتفاق وأن الأمر سيتم بشكل تدريجي وفقا لمقدار استجابة طهران في تنفيذ بنود الاتفاق.حسابات إيران معقدة وهي تراهن على أن الرئيس أوباما يريد تحقيق تركة في الشرق الأوسط وأن المجال الوحيد المتاح أمامه هو التفاهم مع إيران، لذلك تعتقد إيران أن الرئيس الأمريكي سيخضع في نهاية المطاف للشروط الإيرانية، وهي بذلك تقامر بالكثير لأن فشل المفاوضات يعني أن خيارات أخرى صعبة ستكون مطروحة وبقوة ومنها الخيار العسكري. وربما هناك من بين القادة الإيرانيين من يرى أن بإمكان بلده الاحتيال على المجتمع الدولي الذي يعاني من فقدان القيادة الدولية المؤثرة وذلك برفع الحصار والحصول على مليارات الدولارات مع التقيد بالتنفيذ الانتقائي للاتفاق.والخشية من اتفاق سيء هي مشروعة في ظل كل المعطيات، وهو الأمر الذي دفع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى نشر بيان وقع عليه أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالإضافة لكثير من كبار السياسيين وعدد من القادة العسكريين السابقين وعلى رأسهم ديفيد بترايوس. ونشر المعهد على موقعه البيان الذي يطالب الرئيس أوباما بالحرص على توقيع اتفاق جيد وليس أي اتفاق. والنقطة الأهم في البيان هي أنه لا يمكن الوثوق بإيران وبالتالي يجب أن تكون هناك عملية تفتيش وتحقق صارمة للتأكد من أن إيران لن تكون قادرة على إنتاج أسلحة نووية وهذا أمر سيكون قاسيا على إيران ونظرتها لنفسها كقوة إقليمية، فكيف تقبل إيران بعملية تفتيش وتحقق صارمة يرى الكثير من الإيرانيين بأنها ستكون بمثابة إذلال لهم؟! ويشكك الكثير من المراقبين الأمريكيين بإمكانية إعادة العقوبات (snapback) في حال التفاف إيران على الاتفاق في قادم الأيام لذلك يجب أن يكون الاتفاق صارما كما ذهب موقعو البيان.الانتقادات العلنية التي يطلقها الساسة والمثقفون في الولايات المتحدة ضد الرئيس أوباما وطريقة تعامله مع إيران تعني من جملة ما تعني أنه ليس بمقدور الرئيس أوباما التراجع عن الحد الأدنى من المطالب وهو أمر سيجعل الرئيس ضعيفا في الداخل لكنه يمكن له استثمار هذا الضعف للضغط على إيران للاستجابة للمطالب التي ستجعل من الاتفاق اتفاقا جيدا بالنسبة للغرب ولأمريكا على وجه التحديد.هناك أيام قليلة تفصلنا عن الموعد الجديد المحدد والذي من شأن تجاوزه مرة أخرى من دون التوصل إلى اتفاق أن يضعف موقف كل الأطراف المعنية ويسمح المجال للقوى المناهضة للاتفاق سواء في إيران أو في الولايات المتحدة بالضغط ما يعني أن فرصة اتفاق جديد ربما ستتضاءل. ما يهمنا في المنطقة العربية ليس هو التوصل إلى اتفاق من عدمه وإنما كيف يمكن أن يفسر هذا الاتفاق وكيف سينعكس على سلوك إيران في الإقليم. وهناك الكثير ممن يتوجسون خشية من أن تصبح إيران بعد الاتفاق في وضع أفضل ماليا واقتصاديا ما يعني منح إيران مزيد من القوة للاستمرار في دورها السلبي في زعزعة المنطقة حتى تخلق فرصا أخرى للتدخل والتأثير.بالمحصلة، هناك ترقب وتوجس كبيرين حول ماذا ستفضي إليه مفاوضات هذا الأسبوع، فأي اتفاق يتم التوصل إليه سيكون تاريخيا وسيكون له تأثير كبير على موقع إيران في الإقليم سلبا أو إيجابا، واللافت أن إيران ستفسر أي اتفاق – بصرف النظر عن محتواه – كانتصار وكدليل على صحة سياستها الخارجية وهو أمر ربما يجعل إيران أكثر تنمرا في الإقليم في قادم الأيام.