31 أكتوبر 2025

تسجيل

لا يغضب

03 يوليو 2015

إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجمَّله في أحسن صورة وركب فيه الجوارح والأعضاء وسيُسأل عنها يوم القيامة ،فالسمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ،وأعصى الأعضاء على الإنسان هو اللسان فإنه لا تعب في إطلاقه ولا مكنة في تحريكه إذا أطلقته لا تتعب وإذا حركته لا يحتاج على مؤونة، ويمكن بهذا اللسان أن يقوم من الشر ما لا يوصف، فاليوم كثير من الشرور الناتجة من إطلاق اللسان في الأعراض وفي الغيبة والنميمة لا تنتهي، فتجد المجتمع ممزقا على مستوى مدينة أو حي أو أسرة أو أقارب وفي أي مستوى المجتمع ممزق من آفات اللسان، فالنفس البشرية بطبيعتها محبة للخير، تعمل على التماس السبل التي تسوق لها السعة في الرزق والبركة في العمر والأجر، والهدي النبوي يخاطب هذه النفس فيرشدها إلى طريق السعة في الرزق وكثرته وإلى طريق التوفيق في العمل، فيستطيع المرء من خلال العمل الكثير أن يحصل على الأجر الجزيل في عمره القليل، ووسيلة بلوغ ذلك كله هو البر والإنفاق والإحسان إلى المعسرين وغيرهم من أبناء المجتمع ، ولا تجعل من غضبك حاجزا لفعل الخير وكن أنت خير البرية بما تقدم من خير ومساعدة .إن الصيام فريضة من فرائض الله تعالى وركن من أركان الإسلام التي يطهر الله بها المؤمن من أدران الذنوب والآثام ،وهذا ما أوجبه الإسلام علينا في هذه الأيام المباركة ؛ أن نتزود وخير الزاد التقوى ونبتعد عن كل ما يقطع أواصر المحبة بين الناس ،فالغضب جمرة في جوف ابن آدم والناس يحتاج بعضهم إلى بعض وهذه سنة اجتماعية في الكون فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ومن المعلوم علميا أن الإنسان مدني بطبعه ،فهو يحب أبناء جنسه ومجالستهم ومؤانستهم والتعامل معهم في حياته اليومية بمختلف المجالات فتتكون لديه كثير من العلاقات، ولكن قد تنفصم هذه العلاقة بل ربما تتحول إلى كره شديد وانقطاع دائم وذلك يرجع إلى التقصير في حفظ أسباب العلاقات الجيدة والتواصل الحسن، لذا ركب الله في الإنسان العديد من الغرائز والأحاسيس فهو يتأثر بما يجري حوله ويتفاعل بما يشاهد ويسمع من الآخرين، فيضحك ويبكي ويفرح ويحزن، ويرضى ويغضب، إلى آخر تلك الانفعالات النفسية ،فلقد خلق الله تعالى الإنسان من تراب الأرض بجميع أنواعه الأبيض منها والأسود والطيب والرديء فنشأت نفوس الناس متباينة الطباع مختلفة المشارب،فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها ومن هذا المنطلق راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وصاياه للناس إذ كان يوصي كل فرد بما يناسبه وما يعينه في تهذيب النفس وتزكيتها بما يؤدي إلى دوام المحبة بين أفراد المجتمع المسلم,لأن مجتمع المؤمنين لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة و المحاسبة و الانتصار للذات،و إنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على السماحة والصفح والصبر، فمن الأمور التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها الاسترسال في الغضب،فقد يخرج الإنسان بسببه عن طوره وربما جره إلى أمور لا تحمد عقباها فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني قال :(لا تغضب فردد مرارا : لا تغضب)رواه مسلم، بهذه الكلمة الموجزة يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم، فالغضب جماع الشر ومصدر كل بلية فكم مزقت به من صلات وقطعت به من أرحام وأشعلت به نار العداوات، وارتكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم، فالسيئة إذا قوبلت دائما بالسيئة أحرقت الصدور و أورثت الأحقاد ،أما إذا قوبلت السيئة بالحسنة أطفأت أثوار الغضب و هدأت من فورة النفس وغسلت أدران الضغينة ،و إنه لفوز عظيم لمن دفع السيئة بالتي هي أحسن ولا ينال ذلك إلا ذو حظ عظيم.