19 سبتمبر 2025

تسجيل

العافية في البصر

03 يوليو 2015

من أجل النعم نعمة الإبصار بالعين، يقول الله تعالى: (وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون)، ويقول سبحانه: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به)، يعني أن الله يحفظه في بصره، فلا يرى إلا الخير وما يحبه الله ويرضاه، وأول خير يطالعه هو النعمة بهذا البصر الذي يرى به هذا الكون الفسيح الضخم بسماواته وأراضينه وبحاره وأنهاره وجباله ووديانه وكل مخلوقاته.فالعافية في البصر أن يكون المرء مقدراً نعمة الله عليه بالإبصار، مثمناً هذه المنحة الربانية بالقول والعمل، موجهاً إياها لما خلقت له من التدبر في آيات الله القرآنية والكونية، خاصة أن الله تعالى أعاب على أقوام صرفوا أعينهم وأبصارهم عما أمرهم الله به إلى ما فيه خسارتهم فقال: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)، وقال: (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن...).العافية في البصر أن ينظر المرء في خلق الله ويتدبره (قل انظروا ماذا في السموات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون)، وقال: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير).العافية في البصر أن تحفظ العين من النظر إلى المحرمات والعورات والسوءات وإلى ما لا يأذن فيه الناس ولا يحبون أن ينظر إليهم وهم في هيئاتهم الخاصة (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم)، فكم من الذنوب والمعاصي سببها النظر الحرام، كان رسول الله يدعو الله: (اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري).العافية في البصر أن يعلم الإنسان أنه مسؤول محاسب عن عينه هذه عما نظرت إليه مما يرضاه الله أو لا يرضاه، يقول تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).يقول ابن كثير رحمه الله: أي هذه الصفات من السمع والبصر والفؤاد (كان عنه مسؤولاً)، أي سيسأل العبد عنها يوم القيامة وتسأل عنه – يعني يسأل الله العين عن صاحبها وعما عمل بها. العافية في البصر أن يدرك الإنسان أن النعمة بالعين المبصرة نعمة كبيرة، سمى الله العين حبيبة وكريمة كما في قول رسول الله: (إن الله قال: إذا أخذت كريمتي عبدي – يعني عينيه – وفي رواية (حبيبتي عبدي)، فصبر واحتسب لم أرض له ثواباً دون الجنة).ومنزلة الدمعة التي تخرج منها فرحاً أو حزناً أو خشيةً، ويعلم ما رتبه الله تعالى لعين خرّت منها دمعة لله تعالى خوفاً منه أو شوقاً إليه .يقول تعالى: (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً).وقال رسول الله: (لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع) البخاري.وقال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)، ذكر منهم: (رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) البخاري. وقال: (عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله). العافية في البصر أن ترى به العبر والعظات من حال من كان موجوداً ثم رحل عن الدنيا وتركها، قد أخلى الموت الدنيا منهم، يقول الله تعالى: (أو لم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون).ويقول رسول الله: (ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه).ويقول: (القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه).ويقول أبو هريرة وقد بكى في مرضه وسأله البعض ما يبكيك؟ قال: أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ولكن أبكي على بعد سفري وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري أيتهما يؤخذ بي. يا إخوتي الأشياء بأضدادها تتبين وتتضح، إذا أردتم معرفة النعمة بالبصر فاسألوا من أخذ الله بصره أو أضعفه.