13 سبتمبر 2025
تسجيلكان الشاعر أبو العتاهية يحب جارية اسمها عُتبة، وكانت عتبة في قصر المهدي، وكان للمهدي مغن مقرب إليه اسمه يزيد حوراء، ويزيد هذا صديق لأبي العتاهية، فسأل الشاعر المغني أن يكلم المهدي في أمر عتبة، فقال له: لا يمكنني الكلام يا أبا العتاهية، ولكن قل شعراً أغنيه به.. فقال أبو العتاهية: نَفسي بشيءٍ من الدنيا مُعلَّقَةٌ اللهُ والقائمُ المهدي يكفيها إنِّي لأَيأَسُ منها ثم يُطمعني فيها احتقاركَ للدنيا وما فيها فلحن يزيد حوراء أبيات أبي العتاهية وغناها أمام المهدي.. فقال له: ما هذا؟ فأخبره خبر أبي العتاهية، فقال المهدي: ننظر فيما سأل.. ومضى شهر فجاء أبو العتاهية إلى يزيد حوراء يسأله أن يذكره للمهدي.. فقال له يزيد: إن أحببت ذلك فقل شعراً تحركه وتذكره وعده حتى أغنيه به.. فقال أبو العتاهية: ليتَ شِعري ما عندكم ليتَ شِعري فلقد أُخِّرَ الجوابُ لأَمْرِ ما جَوابٌ أولى بكلِّ جميلٍ من جوابٍ يُرَدُّ من بعدِ شَهر فغناها يزيد حوراء أمام المهدي فقال: علي بعتبة.. فأحضرت له، فقال لها: إن أبا العتاهية كلمني فيك، فما تقولين، وعندي لك وله كل ما تحبان ومالا تبلغه أمانيكما؟ فقالت عتبة: قد علم أمير المؤمنين ما أوجب الله عليّ من حق مولاتي، وأريد أن أذكر هذا لها، وعادت عتبة إلى مولاتها ومضت أيام فجاء أبو العتاهية يسأل يزيد حوراء معاودة المهدي ومعه هذه الأبيات: ولقد تنسمت الرياح لحاجتي فإذا لها من راحتيك نسيم أعلقت نفسي من رجائك ما له عنق إليك يخب بي ورسيم ورميت نحو سماء جودك ناظري أرعى مخايل برقها وأشيم ولربما استيأست ثم أقول لا إن الذي وعد النجاح كريم فلحن يزيد حوراء هذه الأبيات وغناها عند المهدي فأرسل المهدي في طلب عتبة فحضرت فسألها: ما صنعت؟ فقالت: ذكرت الأمر لمولاتي فكرهته وأبته.. والأمر متروك لأمير المؤمنين.. فقال المهدي: ما كنت لأفعل شيئا تكرهه.. أخبر يا يزيد الشاعر بالأمر.. فلما علم أبو العتاهية بجواب عتبة أنشد قائلاً: قطعت منك حبائل الآمال وأرحت من حل ومن ترحال ما كان أشأم إذ رجاؤك قاتلي وبناتُ وعدك يعتلجن ببالي ولئن طمعت لرُب برقة خلب مالت بذي طمع ولمعة آل وسلامتكم.