08 أكتوبر 2025
تسجيلألا اذرفي يا دموع واهطلي ياعين أعز عبراتك... ألا ابك يا قلب وتمزق واعتصري يا نفس حزنا... فاليوم هو يوم الحزن.... اليوم رحل عنا غزال البحر عمي أحمد بن عبدالله الغزال ، الرجل البشوش الذي يعرفه الصغار والكبار ويعرفه البحر والغوص وهبوب البحر وعواصف الأمواج. عمي الحبيب.. كنت إنسانا رائعا خيّرا معطاء محبوبا.. كنت بشوشا صاحب حضور دائم لايتعب ولايكل ولايمل.. محب للحياة قوي الإرادة لم تستسلم للمرض قاومت وقاومت ولكنها.. مشيئة الله.... عمي الحبيب تجمعت فيك كل الصفات الجميلة.. الكرم والشيمة والمرجلة وصلة الأرحام، سيفقدك رواد سوق واقف، وسيفقدك هواة الصيد من الشباب والكبار حيث كان محلك الذي أنشئ منذ العام 1940م جاذبا لكل من امتهن مهنة الصيد أو من استهوى الصيد هواية. حياته الأولى: ولد في العام 1932م حسب السجل في أوراقه الرسمية وكغيره من جيل عصره دخل الكُتاب وحفظ القرآن الكريم في بيت المطوع وتلقى تعاليمه الدينية على شيوخ الدين امثال المشايخ بن مانع والشيخ شاهين، واول عمل قام به هو اصطحاب والده النوخذة عبدالله بن صالح الغزال وشارك معه في رحلات الغوص لاستخراج اللؤلؤ عندما كانوا يركبون البحر وقضاء أكثر من خمسة أشهر بعض المرات في عرض البحر لاستخراج اللؤلؤ من أعماقه، مما أكسبته هذه المهنة الصبر وقوة الجسم والمثابرة في كسب الرزق الحلال في مراكب الشيخ أحمد بن علي الأحمد آل ثاني رحمه الله، حيث كانت الرحلات البحرية مليئة بالمخاطر خاصة أثناء هبوب العواصف وهم في البحر فلا يجدون أي مفر إلا اللجوء إلى المناجف في مراكب الصيد لحمايتهم من العواصف البحرية، ولسان حالهم يقول انه لابد من التعرض للمخاطر لكسب الرزق الحلال،وعمل في تجارة اللؤلؤ أعواماً مديدة جال خلالها في الكثير من الدول بهدف البيع والشراء في هذه التجارة التي كانت هي الرائجة في ذلك الزمان، بالرغم من انشغالهم بالتجارة في ذلك الوقت كان عمي الراحل يتلقى تعاليمه الدينية وعاصر المطوعين الأوائل في قطر ونهل منهم علم الفقه وعلوم القرآن الكريم، حيث إنه نهل هذا العلم بمرافقته الدائمة لوالده المرحوم عبدالله بن صالح الغزال الذي كان أحد طلاب الشيخ بن مانع رحمة الله عليه وأخذ من والده علم الدين والتاريخ والأدب، وكان يُطلق عليه لقب المطوع لحديثه الرطب عن الأدب والأخلاق والدين. الغزال وسوق واقف إذا زرت سوق واقف ودخلت من الناحية الغربية من السوق تستوقفك يافطة معلقة فوق أحد المحال مكتوب عليها تأسس عام 1940م وتقف لوهلة متعجباً من هذا المحل العتيق الذي ظهر على الوجود في ذلك التاريخ في الوقت الذي كانت بعض دول الخليج لم تظهر على وجه الأرض ،وهذا المحل مخصص لبيع أدوات الصيد ويتجمع عنده الصيادون والشباب للتزود بأدوات الصيد التي كان يستوردها بنفسه من أرقى المصانع في العالم من ألمانيا وفرنسا لأنه أحب هذه المهنة وشربها منذ الصغر وأخلص في تقديم الأفضل لها، وأذكر أنا صغيرة عندما كنا نزوره في بيته العامر أجده يصنع الميادير بيديه حيث كان من أمهر الصناع في عهده وهذا ما جعل له زبائن دائمين يقصدونه في محله العامر، وكان يجلس أمام محله دائماً ويقصده كل من يدخل سوق واقف ليستمع الى قصصه ورواياته عن البحر والغوص وفنون الصيد ، وكان يردد هذه الأبيات التي تعلمها منذ الصغر لإيمانه بأن الدنيا دار فناء وأن الآخرة دار عمار: الحمدلله القديم الباقي ............... مقدر الآجال والأرزاق حي عليم قادر موجود ........... قامت به الأشياء والوجود دلت على وجوده الحوادث ......... سبحانه فهو الحكيم الوارث ولم يغادر أحداً زار محله العامر إلا وهو مجبور الخاطر وظافر بحاجته ومعها بعض النصائح الغالية لممارسة مهنة الصيد لأن عمي كان مرجعاً للصيادين وخبرة في فنون الصيد، وكان محله مملوءا بالابتسامة والخُلق الحسن والسماحة في البيع والشراء وكان رواد محله يستمتعون برواياته وقصصه التاريخية التي كان يستمع اليها جلساؤه ، وانطفأ ذلك السراج الذي كان ينير هذه الجهة من سوق واقف برحيله الذي فجع به كل من يعرفه، وسيفقده الكثير من رواد سوق واقف وسيظل محله تاريخاً يحكي للأجيال كفاح الأجداد وما قدموه للوطن من تضحيات للنهوض به وتنمية اقتصاده. رحل عنا هذا الرجل الذي كان بمثابة موسوعة وانطوى معه سجل حافل من التاريخ الذي كان يحفظه في صدره، رحل عنا وسقط معه أحد أعمدة تراثنا في مهنة الأجداد وأهل قطر، رحل عنا بعد أن أكمل معنا شهر رمضان الفضيل وحضر أول أيام العيد ليكمل بقية العيد عند ربه في جنات النعيم بإذنه تعالى. اللهم إنا ندعوك أن تغفر لعمي وتسكنه فسيح جناتك وتعفو عنه وترحمه وترحمنا إذا ما صرنا إليه، فقد احتسبنا وصبرنا لفراق الأحبة.... قال الله تعالى: (ولَنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين** الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) صدق الله العلي العظيم. [email protected]