15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في المواجهة مع نقابة الصحفيين المصريين، وجد "السيسي" في "دافعي الكفالة" طوق نجاة يحتاج إليه كل طاغية في ورطة. البداية كانت مع لجوء اثنين من الصحفيين إلى مقر النقابة بالقاهرة، مستجيرين من الديكتاتور الذي يتهم ـ على عادة الطغاة ـ كل صاحب رأي بأنه "عميل" وكل صاحب موقف بأنه "إرهابي".ولم يطمح مجلس النقابة إلى أكثر من "ترتيب" إجراءات القبض على الصحفيين، ليبدو الأمر وكأن هناك قانونا يحترم، لكن حتى هذا "التجمل" لم يكن مسموحا به، ولم تتردد السلطة البوليسية في اقتحام مقر النقابة، والقبض على اللائذين به.ومرة أخرى حاول مجلس النقابة أن يمنح سلطة العسكر فرصة أن "تستر قمعها"، فأصدر بيانا وجهه إلى "النائب العام" يحمل وزير الداخلية مسؤولية جريمة الاقتحام، وهو بيان مبني على "وهم" يفترض أن "النائب العام" طرف مختلف عن "وزير الداخلية". بل وهم يفترض أن الاختلاف مسموح به في سلطة العسكر من حيث الأصل! وجاء رد "النائب العام" بالغ الوضوح، مدافعا عن وزير الداخلية، ومتبنيا إدانة الصحفيين حتى من قبل التحقيق معهما، ورغم هذا لم يسمِ مجلس النقابة احتشاد آلاف الصحفيين "جمعية عمومية" حتى لا تكون قراراتها ملزمة، متصورا أنه بهذا يفتح للسلطة بابا التراجع (وهل هناك طاغية يتوب؟)، وجاء الرد السريع والعاجل باعتقال النقيب واثنين من أعضاء المجلس، ووضعهم تحت يد الشرطة التي يتخذون موقفا ضد وزيرها، مع اتهامهم بالتستر على مجرمين، ونشر خبر كاذب، هو اقتحام الشرطة لمقر النقابة (هكذا!).ولمزيد من القمع، قررت النيابة الإفراج عن "المقبوض عليهم" بكفالة 10 آلاف جنيه للواحد، وهو مبلغ متواضع قياسا بكفالات المتظاهرين، الهدف منه هو أن يكون دفعه استسلاما ضمنيا لمنطق السلطة، وقبولا من أعضاء المجلس بأن يعاملوا معاملة المجرمين.وحين رفض أعضاء مجلس النقابة المعتقلون الاستسلام بدفع الكفالة، وجدت السلطة نفسها على حافة مواجهة خاسرة، تختار فيها بين "فضيحة" التورط في سجن نقيب الصحفيين وعضوين في مجلس النقابة، أو "فضيحة" التراجع عن قرار النيابة.وكان المخرج عبر "محلل" تولى دفع الكفالة، منفذا إرادة السلطة، ومهدرا موقف الصحفيين، ومدعيا أنه فعل ذلك حتى لا يسجنوا (مع أن السجن لم يكن الخيار الوحيد، ولا كان الصحفيون هم أكبر المتضررين منه).والخلاصة: كل شيء تم حسب القاعدة تماما، فلا "تلطف" في "القمع". ولا "قانون" يحترمه "المستبد". ولا في سلطة "العسكر" إلا "العسكر" وإن تنكروا في زي آخر. ولو أن مجلس النقابة أعلن الحشد جمعية عمومية وأسند قرارته إليها لما جرؤت سلطة العسكر على اعتقال 11 ألف صحفي، هم أعضاء الجمعية العمومية، أليس كذلك؟