18 سبتمبر 2025

تسجيل

طريق الحرير أفضل من طريق الحرب

03 مايو 2016

حتى نفك ألغاز الأحداث المتعاقبة والتي تهز العالم بأسره اليوم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه لا بد أن نترفع قليلا عن الخوض في التفاصيل الإقليمية المعقدة التي تمسنا مباشرة في حروب سوريا والعراق واليمن وليبيا رغم فداحتها، ونقرأ معا ما يخطه اللاعبون الكبار لنا من مصير وما يرسمونه لنا من خرائط شئنا أم أبينا وشاركنا أم تحملنا صاغرين. مهما عظمت معضلات الشرق الأوسط ستظل ثانوية هامشية أمام الذي يجري وراء الأستار في رقعة لعبة الأمم الكبرى وتغطيه التصريحات الدبلوماسية في عواصم العمالقة، ويكفي أن نقرأ ما أوردته النشرية السرية الأمريكية للاستخبارات (ستراتيجيك ألرت) بتاريخ 21 أبريل 2016: العنوان هو حرفيا: مخاطر حرب شاملة تتأكد. وتقول النشرة: هل تخطط الولايات المتحدة لمواجهة نووية مع روسيا والصين؟ على الأقل هذا ما يعتقده محرر (نيويورك تايمز عدد 7 أبريل الجاري) حين كتب بأن الرئيس أوباما أذن بتعزيز الميزانية العسكرية النووية لبلاده بألف مليار دولار للعشر سنوات القادمة! وأضافت المجلة -الجدية وذات المصداقية- بأن هذا التعزيز المالي سيشمل توفير مئات القنابل النووية التكتيكية صنف B61-12 مع تمكينها من دقة أكثر في إصابة الهدف وتمديد مسافة رميها إلى آلاف الكيلومترات. وتقول (نيويورك تايمز) إن روسيا والصين وبدون ضجيج إعلامي قررتا أيضا تطوير نفس الصنف من القنابل الذكية ولنفس الأهداف الإستراتيجية تحسبا لمستقبل غامض، وخاصة توقعا لما عساه ينتج عن صناديق الاقتراع في (الشقيقة) الولايات المتحدة في يناير 2017 في حالة استمر المرشح المثير للجدل (دونالد ترامب) في الصعود صلب استطلاعات الرأي وكما قررته انتخابات مدينة نيويورك التمهيدية منذ أيام وفي حالة فوزه بعرش البيت الأبيض وهو الرجل المغرد خارج السرب وغير المتردد في إعلان الحرب! وهو احتمال وارد لأن اللعبة الرئاسية أصبحت اليوم محصورة بينه وبين السيدة هيلاري كلينتون! وتستنتج المجلة المحترمة بأن هذه العقيدة العسكرية الجديدة لواشنطن وموسكو وبكين هي التي عوضت مع الأسف عقيدة (توازن الرعب) التي أبعدت شبح الصدام النووي بين العملاقين على مدى سبعين عاما من الحرب الباردة، حيث كان السباق نحو التسلح النووي متوازيا ومتوازنا بين واشنطن وموسكو حتى أصبح التساوي في القوة أو في الخوف منها هو الرادع والواقي من مواجهة فعلية كادت تقع ولكن الرعب المشترك يمنعها. حين نتأمل خارطة انتشار القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو هذه الأيام ومنذ أكتوبر 2015 نتيقن أن هذه القوات تقترب من الحدود الروسية بلا ضوابط على سواحل البحر الأسود وبحر البلطيق .وتذكر (نيويورك تامز) بأن هذا الوضع المعقد على الجبهة الروسية يتزامن مع توتر ثان على الجبهة الصينية، حيث وصل وزير الدفاع الأمريكي (أشتون كارتر) خلال شهر مارس الماضي إلى دولة الفلبين مع وصول حاملة الطائرات الأمريكيةUSS JHON C.Stennis والتي تذرع بحر الصين وتشارك في مناورات عسكرية أمريكية فلبينية مشتركة أرادتها واشنطن ومانيلا واسعة الانتشار الإعلامي والدبلوماسي لأسباب توحي بأن خيارات أمريكا وحلف الناتو هي الأولوية.