12 سبتمبر 2025
تسجيلالفساد وسوء الإدارة يفتكان بالجسد العربي ويأكلانه بشكل مستمر ومضطرد فقد تحول إلى سرطان يخترق كل الخلايا المجتمعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية. هذا ما خلص إليه المتحدثون في ندوة مكافحة الفساد في العالم العربي: التحديات والآفاق والتي تحدث فيها الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء الأردني الأسبق القاضي الدولي عوني الخصاونة وأدارها النائب العام القطري علي المري.الهموم كثيرة فالفساد في العالم العربي يمتد من نهب الأموال إلى سوء الإدارة ومن الحكومات إلى المعارضة ومن الأحزاب إلى منظمات المجتمع المدني.. هل نحن فاسدون إلى هذه الدرجة؟ نعم وأكثر كما يقول الرئيس المرزوقي ويضيف عندما كنت في المعارضة كان لدي هاجس يتعلق بالفساد الذي كنت أراه مثل الخوخة بنواتها الصلبة. ويتابع المرزوقي: المفاجأة الكبرى عندما وصلت إلى الحكم وأصبحت رئيسا فقد ذهلت عندما اكتشفت أن الفساد يفتك بكل شيء كالسرطان.. إنه السرطان الذي تغذيه قوانين استبدادية وإعلام فاسد وأحزاب ليست إلا دكاكين للمقاولات السياسية ودولة عميقة والخطر من ذلك وجود ثقافة تعايش مع الفساد لدى الناس، ولم أجد مكانا إلا وقد أصيب بوباء الفساد، لقد انتشر المرض في كل الجسم فكيف ستواجه المرض بجسم مريض بما في ذلك الجماعات التي تدعي محاربة الفساد.هذا الفساد تحول إلى أخطبوط شرس مستعد للقتل وعمل أي شيء فالفاسدون لا يتورعون عن ارتكاب كل الموبقات بدون أي رادع من ضمير أو أخلاق.لا يقف المرزوقي عن هذا الحد بل يذهب إلى القول: لقد تمكن الفساد والفاسدون من اختراق واستخدام كل الآليات الديمقراطية اخترقوا الأحزاب والانتخابات والبرلمان والإعلام الذي حولوه إلى أداة للتضليل وتمكن رجال الأعمال الفاسدون من محاربة الديمقراطية بأدوات الديمقراطية ذاتها. وانتهى إلى القول إنني "متشائل" وهي عبارة تجمع بين التفاؤل والتشاؤم بالقدرة على مكافحة الفساد في العالم العربي.لم يذهب القاضي الدولي ورجل القانون المخضرم رئيس الوزراء الأردني بعيدا عما قاله الرئيس المرزوقي واعتبر أن محاربة الفساد تتطلب إعادة بناء الأسس الأخلاقية للمجتمعات العربية وتبني قوانين قادرة على مكافحة الفساد ووجود إرادة سياسية لدى النظم الحاكمة ووجود القدوة الحسنة إلى جانب الثواب والعقاب معتبرا أن التغلب على الفساد يحتاج إلى وقت. جرعة الصراحة والمكاشفة في ندوة مكافحة الفساد في العالم العربي التي استضافتها الدوحة بتنظيم من مركز حكم القانون ومكافحة الفساد كانت كبيرة وفوق العادة لأن السؤال الكبير الذي طرح في الندوة هو: كيف يمكن محاربة الفساد بمعزل عن تطوير الأنظمة السياسية العربية ودون رفع مستوى الوعي لدى الإنسان العربي، فالفساد شيطان قادر على التأقلم والتكيف والتغير حسب مقتضيات الحال والفاسدون يملكون من وسائل الشيطنة ما يمكنهم من اختراق المجتمع والدولة أفقيا وعموديا، فالفساد هو المؤسسة الوحيدة التي تعمل بكفاءة في العالم العربي.