17 سبتمبر 2025

تسجيل

فضائح فساد في مؤسسات سودانية حساسة!

03 مايو 2014

خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أبريل المنصرم انفجرت سلسلة من فضائح الفساد في مؤسسات الدولة السودانية الحساسة، هذه الدولة المرهقة بحلقات متصلة من المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ظلت زمنا طويلا تنتظر المعالجات الشافية دون أن تظهر في الأفق نتائج إيجابية لما ظلت الحكومة تبشر به من جهود صادقة لوضع الأمور في نصابها الصحيح.. والحالة هذه، كان أول ما ينتظره الشعب السوداني، على أقل تقدير، هو السيطرة على الأوضاع الداخلية المتأزمة، طالما لم يتسن التصدي لتلك المشاكل بصورة حاسمة وحلها دفعة واحدة. ولكن وكان الذي حدث في الأسبوعين الأخيرين من شهر أبريل، المتمثل في انفجار سلسلة من فضائح الفساد في مؤسسات حكومية حساسة، كان فوق الحسبان، وكان آخر ما يتوقع الشعب السوداني سماعه أو حدوثه. لقد عرضت أنباء الفساد في تلك المرافق الحكومية الحساسة، الحكومة السودانية إلى حرج سياسي بالغ على المستويين الداخلي والخارجي معا، وأضافت إلى تحميل النظام السياسية أحمالا جديدة إضافية سعد لها خصوم النظام الشامتون، وأضافت المزيد من العنت لدى قادة النظام الذين ظلوا يحاولون سد الكثير من الثغرات التي تتسرب منها مخاطر سياسية يتحسب منها النظام الذي لم يتأكد له بعد أنه قد نجا تماما من نوبات الربيع العربي التي ما زالت تطوف بأشرعتها فوق الأرجاء. لقد فاحت روائح أخطر الفضائح في الآونة الأخيرة من معاقل شركة الأقطان الحكومية، في قضية فساد مستشرٍ قديمة عقدتها أخيرا محاولة تسويتها بأسلوب رأت فيه الحكومة المزيد من الفساد، مما جعلها تعزل رئيس القضاء السوداني من منصبه وتلحق به مطرودا كذلك قاضي المحكمة الدستورية الذي حشر نفسه في موضع غريب بقبوله أن يكون عضوا في لجنة تحكيم في قضية ما زالت معروضة أمام المحاكم، وهو التصرف الذي ضرب القضاء السوداني برشاش مؤذ، وانتهى بطرد رئيس القضاء السوداني وقاضي المحكمة الدستورية من منصبيهما.أما فضيحة الفساد الكبرى الثانية التي ضربت النظام السوداني في الصميم في الأسابيع الثلاثة الماضية فقد حدثت في مكتب والي ولاية الخرطوم، الذي يحكم العاصمة السودانية بمدنها الثلاثة الكبرى. لقد سرق اثنان من مساعدي الوالي أختام الوالي وأوراقه الرسمية وقاما ببيع مساحات واسعة من الأراضي بلغت قيمتها عشرات الملايين من الدولارات. وعندما اكتشفت الجريمة التي هي في أبسط صورها جريمة خيانة أمانة جنائية ومخلة بالشرف، سمح الوالي بإطلاق سراح مساعديه اللصوص بناء على تسوية يرجعون فيها المبالغ التي نهبوها فقط. وبصرف النظر عن الجانب الأخطر في القضية وهو الجانب الجنائي المتمثل في خيانة الأمانة. في عالمنا الثالث يندر أن يعاقب الكبار إذا أساءوا التقدير، ويصعب على المسؤول تحمل المسؤولية والاعتذار عن خطئه، وينعدم عندنا أدب الاستقالة الذي نشاهده باطراد يومي لدى الأمم الراقية، غياب أدب الاستقالة هذا هو ما شاهدناه في الحالة السودانية الراهنة.. ففي الوقت الذي يطالب فيه العديد من الصحف باستقالة المسؤولين عن الأجهزة التي ضربها هذا الفساد الخطير، جددت رئاسة الدولة ثقتها في المسؤولين المعنيين لأسباب رأتها.. مع الأسف الشديد البون بيننا وبين تلك الأمم ما زال شاسعا.