14 سبتمبر 2025

تسجيل

الأزمة الليبية وتحركات الحل المرتقب

03 أبريل 2016

بعد وصول الحكومة اللبيبة الجديدة إلى طرابلس برئاسة فايز السراج، المدعومة من الأمم المتحدة وأكثر الأطراف الدولية تأثيرًا، يبدو أن المصالحة الليبية قريبة لو تجاوب البعض مع حكومة الوفاق التي تتحرك بحكمة لإنهاء الخلاف السياسي في كيفية إنهاء التوتر وإقامة حكومة وفاق وطني يشارك فيها الجميع دون إقصاء، وهذا ما أكده مندوب ليبيا لدى مجلس الأمن إبراهيم الدباشي من أنه لم يعد أمام الليبيين خيار سوى حكومة الوفاق الوطني، للخروج من المأزق الراهن الذي تمر به البلاد، ودعا المجتمع الدولي إلى مد يد العون لهذه الحكومة. كما قال فايز السراج رئيس الحكومة الجديدة "لقد حان الوقت لقلب صفحة جديدة وللمصالحة"، مشددا على أنه يسعى لبناء مؤسسات الدولة وفرض وقف إطلاق نار. ولا شك أن هناك عقبات وتحديات تواجه الحل النهائي في ليبيا، من قوى عديدة، بعضها للأسف لا يدرك الآثار الخطيرة لاستمرار الصراع، والذي قد ينذر بتدخلات دولية، وهذا سوف يجر ليبيا إلى مستنقع الحرب الأهلية وربما دولية لفرض الحل على الليبيين، ولذلك فإن جهود الكثيرين من السياسيين الليبيين المخلصين، يدركون هذه المخاطر الكبيرة للصراع الداخلي بين القوى المختلفة، ويتحركون بدعم عربي ودولي لإيجاد الحل الذي يتوافق عليه القوى السياسية، ومن المهم أن تعرف كل القوى في ليبيا ألا منتصر منهم في هذا الصراع، وأن الاتفاق والتوافق وتقديم مصلحة الوطن الليبي هو الذي يقدم على كل المصالح الذاتية، وأن هذه الدماء التي تسفك على الأرض يوميًا هي التي ستجر الأحقاد وربما الانتقام بعد ذلك، وكما حصل في دول عربية عديدة، ومن الأجدى والأفضل لكل القوى السياسية أن تتنازل عن المصلحة الشخصية، لمصلحة بلد يتجه لمخاطر لو لم يجد الحل الذي يطلبه الشعب الليبي في الفترة المقبلة، بل بالعكس فإن بعض الليبيين الذي كانوا معارضين، أو ضد سياسة العقيد الراحل معمر القذافي، يتمنون أن يكون حكمه قائما، بعدما شاهدوا ورأوا القتال والتوترات والانقسامات، وهذا ما حصل في العراق أيضًا، الذي فيه البعض يتمنى حكم الرئيس الراحل صدام حسين، حيث أصبحت مظاهر الطائفية والمذهبية تطغى على كل التنوع الرائع في بلد متعدد، ولذلك من الضروري أن يسعى الجميع إلى الاتفاق على القضايا الكبيرة لتحقيق الاستقرار. ويقول الكاتب والباحث المغربي حسن السوس: "لعل التساؤل المطروح بقوة في مختلف أوساط المتابعين للأزمة الليبية وتطوراتها يدور حول مدى قدرة المجتمع الدولي على اتخاذ قرارات صارمة في حق الأطراف المعرقلة للحل السياسي في ليبيا، بعد اللقاء بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للتباحث حول تطورات الملف الليبي، وحيث تم التشديد على وجوب توحيد صفوف الفرقاء من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على إنهاء الأزمة السياسية وتثبيت مؤسسات الدولة، لاسيَّما أن الفراغ السياسي السائد في ليبيا تسبب في أزمة اللاجئين وخلق ملاذا آمنا لتنظيمات مثل داعش. فهل يشكل هذا مؤشرا على مغادرة مواقع التراخي والتساهل مع الجماعات المتطرفة المسلحة في ليبيا لدخول مواقع الحزم والجدية في مقاربة الأزمة واستخدام كل الوسائل المشروعة في القانون الدولي للدفع بمسألة الحل السياسي في ليبيا إلى رأس قائمة أولويات المجتمع الدولي؟ وأن تحولا ما قد حصل في الموقف الأمريكي الموسوم بالضبابية والغموض من قبل عدد من المراقبين والخبراء في مجال الأمن إقليميا ودوليا؟".ومن الصعب التكهن بما سيجري في الأشهر المقبلة بعد إنجاز الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، لكن ثمة تفاؤل بتوافق بين الجميع، لأن الدستور الجيد، سيجعل من الجميع أكثر إيجابية للحل، ولأن البديل هو الأخطر إذا ما عرقل البعض الحلول المتوازنة، بحجج غير مقبولة، لكن بعض التصريحات من اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي في صلالة متفائلة بما جرى في هذه اللقاءات من الأسبوع الماضي، حيث أكدت عضو اللجنة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي د. نادية عمران في تصريح حصري لـ"الشبيبة العمانية أن "أعضاء الهيئة التأسيسية أنجزوا خلال وجودهم في صلالة قرابة 80% من المواضيع الخلافية بشكلٍ عام، وبقيت بعض النقاط الخلافية ومنها المكونات، واعتماد عاصمة لليبيا. وقالت مقرر لجنة العمل في الهيئة التأسيسية د. نادية عمران، يوم أمس الجمعة: "لقد توافقنا على حقوق المرأة، كما تم التوافق حول موضوع الغرفة الثانية، والنقاط الخلافية في موضوع الحكم المحلي، وفي آلية انتخاب الرئيس، فقط بقيت بعض الأمور الفنية في التدبير الانتقالي في موضوع انتخاب الرئيس، وقد شكلنا لها لجنة مصغرة". وأضافت أن أكثر الموضوعات إشكالية والتي لا تزال قائمة تتعلق بـ"المكونات، وقد شكلنا لجنة مصغرة لها، حيث إن للمكونات طلبات لا يزالون متمسكين بها، لذا لا تقدم في موضوع المكونات، لكن لم يصدر التقرير النهائي حتى الآن". وتابعت عمران في حديثها أن أعضاء اللجان التي تم فرزها "كلهم يمثلون مناطق ليبيا (الشرق، الغرب، والجنوب) ، كما هو التمثيل في أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي والذين اجتمعوا في مشاورات صلالة". ليبيا الآن في مرحلة دقيقة ومهمة وخطيرة، وفي منعطف يحتاج لتكاتف الجميع، اتفاق على دستور يوحد الجميع ويتناسى الخلافات السياسية، لأن ليبيا تتسع للجميع، ومن المنطق أن يقبلوا بعضهم للخروج من الظرف الراهن الصعب والدقيق.