11 سبتمبر 2025

تسجيل

حفيد العثمانيين

03 أبريل 2014

هل كان المعمّر الفلسطيني (رجب التوم) الذي احدودب ظهره وتعدّدت تجاعيد وجهه وبلغ عمره 125 عاماً، شهد فيها خمس حقب تاريخية بداية من عهد الدولة العثمانية (التي خدم جندياً في جيشها)، ومروراً بالانتداب البريطاني، والحكم المصري والاحتلال الإسرائيلي، وحاليا حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لقطاع غزة.. هل كان هذا المعمّر الفلسطيني محقاً عندما قال بأنه يتمنى أن تعود الحقبة العثمانية إلى فلسطين. مختتماً حديثه لإحدى الصحف بقوله إن "الأتراك كانوا مثل الذهب.. وأمنيتي الوحيدة قبل أن أموت هي رؤية جنود الدولة العثمانية يعودون إلى فلسطين ليحكموها ويعيدوا إليها الاستقرار والسلام".إن الفرحة الغامرة التي شعرت بها الشعوب العربية والإسلامية وعبّر عنها ملايين الناس في وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت بعد فوز حزب العدالة والتنمية على بقية الأحزاب الليبرالية والعلمانية في الانتخابات البلدية في تركيا وفوز أردوغان على خصومه وشانئيه ومبغضيه في داخل تركيا وخارجها – وتحديداً بعض دول الخليج للأسف – هذه الفرحة لم تأت من فراغ ولا من مشاعر تشبّعت استسلاماً وانهزاماً للواقع العربي والإسلامي المخزي وإنما جاءت لتثبت أن الشعوب الإسلامية متعطّشة ومتلهّفة لنجاح التجربة الإسلامية في تركيا بقيادة أردوغان وحزبه "حزب العدالة والتنمية" بعد أن أخفق المشروع الإسلامي "مؤقتاً" في التحليق بجناحيه في مصر وفي الجزائر وفي فلسطين، وفي كثير من دول العالم الإسلامي من قبل، خاصّة بعدما تعرّض المشروع الإسلامي في مصر لطعنات الخونة والمرتزقة والانقلابيين الذين تآمروا على حكم الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي وأفشلوا تقدّمه نحو نهضة وطنه تمهيداً لنهضة الأمة وصحوتها من جديد، حيث تواطؤ خونة الجيش والأمن المصري الغارق في وحل الخيانة والعمالة وخونة القضاء المصري الغارق في وحل الفساد وخونة الإعلام المصري الغارق في وحل الانحطاط والنفاق والدعارة.. تواطؤوا جميعاً جنباً إلى جنب وتعاضدوا وتعاونوا مع الصهاينة والأمريكان وخونة العرب وبعض أهل الخليج العربي الذين ينتسبون إلى العروبة والإسلام ظاهراً بينما ينتسبون إلى المجوس والصهاينة والنصارى باطناً ومشروعاً واعتقاداً.إن من ينكر إنجازات أردوغان في تركيا وخارجها على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ما هو إلا جاحد حاقد، فلقد أوصلت سياسة أردوغان تركيا إلى مصاف الدول المتقدمة بشكل ملحوظ يشهده الأعداء قبل الأصدقاء، فلقد أيقن هذا الرجل "حفيد العثمانيين" المحب لجذوره "العثمانية" والإسلامية بأن نهضة بلاده لن تكون إلا برجوع تركيا إلى الإسلام من جديد بعد عهود من العلمانية على يد الديكتاتور "أتاتورك" الذي منع الأذان، وحارب الحجاب واستباح الخمور وقام بطمس مظاهر التديّن في حياة الأتراك وحاول كغيره من "عبيد الغرب" في أن يطمس الهوية الإسلامية في معالم تركيا وفي قلوب الأتراك المسلمين! ولكنه هيهات، يفعل ذلك مع دين الله الخالد إلى قيام الساعة "الإسلام"، ولعلّ أحداث الشغب الأخيرة التي افتعلها المخرّبون من العلمانيين في تركيا بدعم خليجي "حقير" والتي اقتحم فيها بعض المتظاهرين أحد المساجد المعروفة وشربوا فيه الخمور وتبوّلوا فيه بكل دناءة وحقارة ونجاسة.. هي جزء بسيط ونموذج مصغّر من المجتمع التركي العلماني الذي أراد أتاتورك أن يصل إليه وقام أردوغان بمحاربته ومناهضته ومقاومته حتى أصبحت تركيا اليوم إحدى أقوى دول العالم الإسلامي.إن الذي ينظر إلى الجماهير المحتشدة والمجتمعة بالملايين اليوم في ميادين تركيا من المؤيدين لأردوغان ومشروعه النهضوي الإسلامي المبارك ليفرح كثيراً بأن الأمة الإسلامية لازالت بخير والحمدلله وأنها لا تزال تناصر الحق وأهله ولا تزال تترقب القائد أو الخليفة المسلم العادل الذي سيُخرج بلاد الإسلام من ظلمات جاهلية القرن الواحد والعشرين إلى نور القرن الأول وعصر الخلفاء الراشدين، ومن تبعهم من السلف الصالح على خطى خير البشر محمد عليه الصلاة والسلام، وإن هذه الملايين في تركيا لا تقف لوحدها هناك وإنما تقف خلفها قلوب عموم المسلمين الذين يرون في مستقبل تركيا شمعة مضيئة وسط ظلام حالك حولها من دول الجوار والصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، فالمستقبل للإسلام بإذن الله تعالى.. لا شعاراً يُرفع وإنما مشروع نهضوي ينطلق من دول الإسلام من جديد ليحررها من الطغاة المجرمين من بني جلدتنا الذين أعادوا الأمة إلى الجاهلية من جديد.. لتعبد أوثان الصهيونية وأصنام النصرانية ونار المجوسية من دون الله تعالى، والفجر قادم بإذن الله وسيخرج أهل الإسلام من سجون طغاة مصر ودول الخليج لتعود للإسلام عزّته ومكانته.. وما ذلك على الله ببعيد.