14 سبتمبر 2025

تسجيل

(الفاصلة) تكفي !

03 فبراير 2016

يفكر البعض بأن الحل الوحيد الذي بقي للتخلص من عصابة بشار، هو الخيار العسكري الذي يمكن أن نقول إن روسيا ستكون الرافض له بل والمدافع عن بشار والذي ربما يبدو هذا الحل الذي بات يستسيغه العالم بعد المجازر المريعة التي قام بها النظام السوري الغاشم؛ والذي ذهب ضحيتها ما رأيناه من آلاف الجثث الصغيرة البريئة التي ماتت اختناقاً وتفجيراً بالقنابل الحارقة وخلفت وراءها قلوباً مثقلة بالحزن وعيوناً لم تجف أدمعها على فراق أطفالها الصغار الذين رحلوا عن هذه الدنيا مرغمين، في الوقت الذي يصر النجس بشار على اختيار كل سبل الحياة له ولعائلته وللمقربين له وكأن الدنيا قد خضعت له وحده ليفعل ما فعله ولا يزال يفعله في أبناء سوريا الأحرار، ولكننا وفي لحظة تفكير قصيرة يجب أن نسأل أنفسنا إن كان هذا الحل هو بالفعل الحل الأمثل والأوحد لتخليص الشعب من بطش هذا المجرم خصوصاً وإننا نعيش تجربتين في غاية المرارة كان التدخل العسكري الأميركي والتحالف الغـربي وبالاً وخيماً لازلنا ندفع ثمنه حتى الآن في العراق وليبيا ولعل ما أفرزه هذا الخيار الصعب في العراق يبدو ماثلاً حتى الآن للقاصي والداني وما نشهده في بلد الرشيد من ويلات خلفتها الحرب الأميركية الغربية المشتركة عليه هي ما نخشى اليوم أن تتكرر في سوريا إذا ما أقر أوباما خيار الحرب وما نراه اليوم من تعزيزات عسكرية أميركية في عمق البحر الأبيض المتوسط كما يجب أن نجد إجابة شافية وافية وكاملة على الأسئلة : وماذا بعد الحرب على سوريا والتخلص من بشار وزمرته؟!.. ماذا بعد قتل المزيد من الشعب السوري الذي سيكون القربان الأكبر لتحرير سوريا من بطش الأسد وعصابته؟!.. ماذا بعد زحزحة النظام وبقاء كرسي السلطة شاغراً ينتظر التناحر الذي سيدور حوله والمؤامرات والحملات والشعارات والوعود التي ستنهمر على الشعب ليصل له ربما من يستحقه وربما لا؟!.. كم سيدفع السوريون ثمناً للحرية التي يحلمون بها وهم الذين لم يتوقفوا يوماً منذ ما يقارب السنوات الثلاث عن دفعها مجبرين لا مخيرين؟!.. بل من الذي يمكنه أن يعد هذا الشعب البائس بما حلم به وهو في قرارة نفسه يعلم أن بعد التدخل الأميركي العسكري في سوريا ستظل دولته وحكومتها تحت الوصاية الأميركية التي ستخضعها لما يخدم مصالح واشنطن وإسرائيل في المنطقة؟!.. ولذا يجب ألا نهلل للخيار العسكري الذي تراوغنا واشنطن حتى هذه اللحظة في الميل له ولكن على مايبدو أنها ستختاره وفق مصلحتها هي وليس مصلحة شعب سوريا كما تدعي .. فالمجازر التي ارتكبها بشار منذ بدء ما كانت ثورة شعبية جارفة عليه في بانياس والقصير وحلب ودمشق وريفها والغوطة ومضايا ودير الزور كانت كلها كفيلة بان تحرك جيوش العالم لتزمجر غضباً وتقرر القضاء على بشار لكن الدب الروسي يقف مثل الحائط المنيع والعنيد أمام مجازفة أميركا وحلفاؤها من المضي في تفكيرهم هذا وعليه فإن أميركا لم تمتلك يوماً قلباً رحيماً عطوفاً من قبل لتمتلكه اليوم وهي تدعي زيفاً حزنها ومواساتها على أطفال سوريا الأبرياء وإن كانت تدرس الخيار العسكري بما ستعوض به خسائرها لاحقاً كما فعلت وتفعل في العراق الذي تحول إلى بلد متعدد الأعراق والطوائف وكما في ليبيا التي يتناحر قبائلها في تقسيمها ولا تزال قبيلة القذاذفة تطالب بثأر الرئيس المقتول معمر القذافي ولا يمكن أن تهدأ قبلها وعلينا كعرب ومسلمين وقبل أن نجتمع لدراسة هذا الحل أن نعمم التجربتين العراقية والليبية لنستخلص نتائجهما الوخيمة لاسيما وإن ردود أفعالنا بعد مجازر وجرائم بشار لا تتجاوز ردود الأفعال الباردة التي اعتادت على مشاهدة الجثث السورية بعد أن باتت رؤية المجازر الإسرائيلية والأكفان الفلسطينية لا تهز كرسي أي حاكم عربي لينتفض غضباً ويكتفي كما جرت العادة ببيان شجب هزيل يحتفظ مكتبه بنسخ كثيرة منه لنشرها في أي وقت يحتاج العالم العربي والإسلامي لسرد كلماته المملة!.. فماذا فعلنا بعد كل مذابح بشار بحق الأبرياء التي تقتل القلوب كمداً على تلك الأجساد الملقاة وكأنها أكوام قمامة تنتظر الإحراق والإتلاف ؟!.. ماذا فعلنا غير التنديد وتحميل مجلس الأمن الذنب وكأنه بالفعل يقوم بما ادعى زيفاً أنه أُنشىء لأجله وليس مجرد جدران يدور فيها كل أنواع النصب الدولي الذي لا يعيد حق العرب لكنه يقر حق الغرب في أرضنا كما يواصل باكي مون فيه شعوره الدائم بالقلق؟!..ماذا فعلنا غير الاستنكار وإلقاء مهمة هذا الفعل المعتاد على عاتق وزراء خارجيتنا العرب الذين لا يملكون ناقة ولا جمل في تحديد ردة فعل جديدة تجعلنا نشعر كشعوب عربية إن دماءنا أغلى من كلمة تنديد وخطاب شجب ؟!..وإني والله لا أتصور شدة احتمالنا من رؤية عراق جديد يتمثل في سوريا التي لا تختلف جغرافيتها وتركيبة سكانها عن بلد الرشيد من حيث المذاهب والطوائف التي استيقظت فتنتها منذ أن فقد زعيمه (صدام حسين) رحمه الله الذي لو كان حياً لما وصل العرب إلى هذا الحال ولذا ستتوقف كلماتي حتى هذا الحد قبل أن يقام عليها الحد !فاصلة أخيرة:يجب ألا ننسى أن فرحتنا بالخيار العسكري في سوريا لا تختلف عن فرحتنا بولادة ولد ميت بعد عقم 50 سنة !