12 سبتمبر 2025

تسجيل

الفكر الثوري والمآسي العربية

03 فبراير 2014

بالنظر إلى حال الثوار العرب منذ بداية الربيع العربي وما آلت إليه حال الدول العربية وتعاطي المواطن العربي مع أحداث التغيير وإسقاط الأنظمة، فقد كان ذلك هدفا في طريق الوصول إلى غاية، ولكن يبدو أن المسيرة الثورية تعاملت مع ذلك بعيدا عن فكرة الغاية التي تعمل على إحلال أنظمة من صميم احتياجات المجتمعات الثائرة، غير أن الخطأ الذي حدث هو أن الجميع تعاملوا مع الوضع كغاية وليس هدفا، في ظل عدم وجود خطط واضحة للمراحل التالية.الآراء الثورية لها إيجابيات في الإطاحة بالأنظمة وإنهاء الاستبداد، ولكن من سلبياتها الإقصاء والتفرد والسيطرة والطمع السياسي، غير أن هناك فجوة في العقل الاجتماعي والسياسي تنظر في المآلات والاتجاهات التالية، فظهر نوع من التطرف الفكري لا علاقة له بالوسطية التي تحمي أي مشروع سياسي واجتماعي، ومتى ما فقد المواطن والسياسي العربي الوسطية الفكرية عاشت المجتمعات في خضم الأسى والشتات المؤلم. الوسطية مطلب ديني وحضاري وإنساني، سواء كان ذلك في الحرب أو السلم، وهي ثقافة المسلم الأصيل التي أسسنا عليها الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) واقتدى بها صحبه الكرام، وهذا يقودنا إلى ما اشتهر به صلاح الدين الأيوبي بتسامحه ومعاملته الإنسانية لأعدائه فكان من أكثر القيادات تقديرا واحتراما في العالمين الشرقي الإسلامي والأوروبي المسيحي، لاسيَّما ملك إنجلترا ريتشارد الأول "قلب الأسد"، وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في أوروبا الغربية، سطر كرمز من رموز الفروسية والشجاعة، وورد ذكره في عدد من القصص والأشعار الإنجليزية والفرنسية العائدة لتلك الحقبة وذلك ما على المواطن والسياسي والحاكم أن يتحلى به، فالفكر الثوري يختص بثلاث فئات: المواطن، والسياسي، والحاكم، وهي سلسلة تكّون المزيج الثوري للمجتمع، وحين تفرط فإن الضحية الكبرى هو المواطن، لأن الحاكم عندما يكون ظالما يثور عليه المواطن موضوع الحكم.استمرار الفكر الثوري وتعاظمه بعد الثورات العربية سيّطر على النسيج الاجتماعي العربي، وأصبح كل ثوري يقصي الآخر ويأخذ ما يريده بقوة السلاح ويحجّم فكر غيره، فابتعدوا عن الوسطية الفكرية، ولذلك فإنه على كل بلد عربي أن يعمل على ترسيخ مبدأ الوسطية بدءا من القائد أو الزعيم إلى أصغر مواطن، فذاك هو الحل الأمثل للمآسي العربية.