16 سبتمبر 2025

تسجيل

سيبنا.. وغور

03 فبراير 2011

(الكل يعلم أنني لم أكن في يوم من الأيام طالب سلطة أو جاه)، بهذه الكلمات المضحكة التي تستخف بعقول الناس حاول (ريس زمان) أن يلف عقول المصريين ويثبت لهم إنه كان نزيهاً وأميناً وشريفاً على مصالحهم طوال فترة حكمه التي حدد نهايتها بنفسه وهي بعد أشهر قليلة وهي الفترة التي سينهي فيها مبارك مدة حكمه والتي لن يجددها باختياره هو كما أراد أن تصل هذه الرسالة للشعب وإن تركه لكرسي الحكم سيكون حسب نظام يفرض عليه ذلك وهو انتهاء مدة رئاسته لمصر حسب قانون ولايته لها وليس من باب شعور بأنه مجبر على ذلك تحت تأثير الغضب العارم الشعبي الذي يتعرض له منذ عشرة أيام!.. ففي الخطاب الذي ألقاه حسني مبارك وكنت أود لو التزم الصمت وأبقى الحال على ما هي عليها ولم يزده انفجاراً على الشكل الذي أعقب كلماته التي فرض بها هيمنته وكأنه يقول للمصريين سأبقى حتى نهاية ولايتي وبحسب ما يضمنه لي قانون الحكم بالبلاد وليس بحسب ما تجبرونني عليه الآن ولم يعد بي العمر يسمح لخوض انتخابات رئاسية جديدة!.. فهل يعقل أن يكون هذا الاستخفاف بمطالب الشعب بهذا الشكل الذي يثبت بأن مبارك لا يريد حقناً لدماء شعبه ولا تهدئة للشارع المصري الذي لم يعرف النوم منذ عشرة أيام كان الصوت الأوحد فيها (الشعب يريد إسقاط الرئيس)؟!.. ثم ما هي حكاية إنه لم يكن طالب سلطة أو جاه؟!! فما الذي كان يفعله طوال ثلاثين سنة إذن؟!.. طالب علم مثلاً؟!!.. أي استهزاء كان هذا وأي عناد استبد بعقل مبارك ليصر على موقفه أمام ملايين من أفراد الشعب الذي افترش الأرض والتحف بالسماء مطالباً سيادته بأن يرحل بما أخذه هو وعائلته وأعوانه وحكومته الهشة تلك التي جدد فيها ما يمكن أن ينهبوه خلال فترة رئاسته المتبقية؟!!.. فأنا أكاد أجزم بأنه سيسلب من ثروات مصر الكبيرة في شهوره الباقية من حكمه ما سيفوق نهبه في ثلاثين سنة مضت مادام إنه سيخرج من دائرة الحكم بحسب ما يقر عليه دستور البلاد فيما يخص ولايته تمهيداً لانتخابات رئاسية جديدة وكل ذلك بالقانون فكيف يمكن أن يحاسب أي رئيس على خيانته للأمانة مادامت بداية حكمه ونهايتها تأتي ضمن ما يقره قانون البلاد؟!.. وما أضحكني حقاً إنه وعد بإصلاحات جليلة يمكن لسبعة أشهر أو ما يقل عنها أن تحققها في حين عجزت ثلاثة عقود على تحقيق بند واحد من بنودها!.. فهل بالفعل يحتاج الرؤساء العرب إلى ثورات شعبية لا تعرف طعم النوم أو الهدوء ليتحركوا باتجاه مصالح شعوبهم كما تفعل الآن معظم الدول العربية التي سيأتيها الدور لاحقاً مثل الأردن الذي أقال حاكمه حكومته التي شكلها منذ شهر فقط وليأمر بتشكيل حكومة جديدة تلتزم بمطالب الشعب وتحقق شيئاً من احتياجاته أو سوريا الذي أمر رئيسه الشاب بشار الأسد بإصلاحات سياسية في بلاده وانتهاءً وليس نهاية باليمن الذي استشعر حاكمه علي صالح بالغليان الذي ينبئ بعاصفة هوجاء ستنتشله من كرسيه قريباً وبدأ هو الآخر بالعزف على نغمة مبارك في أنه لن يترشح هو أيضاً للانتخابات الرئاسية المقبلة وسيعطي الفرصة لشخص آخر ليقود اليمن ولا أحد يعلم كم سيحتاج هذا الوافد الجديد لنهب وسلب ثروات اليمن لحين التفكير مجدداً بمصالح الشعب اليمني ورغباته في العيش الرغيد أو حتى الجزائر والذي أعطت قوى المعارضة بالتحالف مع شعب المليون شهيد بأن تاريخ 12 /2 سيكون يوم الغضب الجزائري للإطاحة بنظامه وحكومته حتى وإن لم تعط الداخلية إذناً بالتظاهرات المقبلة؟!.. إنه القدر إذن الذي جعل من الدول العربية وبالأحرى شعوبها تثور على الأنظمة وكان فتيل تونس من أشعل منارة الطريق وتأتي مصر الآن لتشعل هي الأخرى فتيلاً آخر يحاول مبارك غير المبارك أن يطفئه بخطابات واهية تزيد من الثورة ثورات ومن الغضب غضبة لا يمكن له أو لغيره أن يخفف من زمجرتها ونيرانها!.. قلتها أمس وأقولها اليوم وحتى نحتفل معكم (ربنا معاكو يا مصريين) ومن عاب وقفتي فله من العيوب ما يجب أن يستأثر بها وقته أما أنا فلست بكاذبة حين أقول بأنني انتظرت هذه اللحظة لنظام مبارك وكنت أمني النفس أن ينال ما يناله اليوم قبل أن يأتيني الكبر وأنا التي أعد من سن أحفاده باعتبار أن مبارك كان سيبقى على سدة الحكم حتى ذاك الوقت!.. لا تستغربوا فالديناصورات عاشت مئات السنين ولم يسألها أحد عن عمرها!!. فاصلة أخيرة: أمانة عليك.. حُط الوطن جُوَّه نِنِّي عينيك كرامة عيالنا أمانة ف إيديك بحق إللي بينّا يا ريِّس وبينك وحَق اليَمِين والكتاب فى يمينك بحق الشهيد.. إللي رافع جبينك وجيش انتصارك في يوم العبور وجيل حُر طالع.. وعدته بدور لملم عيالك.. وجمَّع فمالك واسحب جمالك وسيبنا وغور!! (( أحمد فؤاد نجم))