12 سبتمبر 2025

تسجيل

أمير الحرية وفارس العشق

03 يناير 2015

يتلصص القارئ من خلف الحروف على كتابات المرأة الشاعرة خاصة عندما تكتب في الغزل. وهذا ما يؤرقها حين يُنظَر إلى أدبها من زاوية محدودة وتُحصَر تجربتها في إطار النظرة إلى حياتها الشخصية وليس من خلال إنسانية هذة التجربة. فهل يختلف الشاعر في كتاباتة الشعرية عن حياته الخاصة؟ سؤال مهم ألقى عليه الضوء الناقد الكبير الدكتور حسام الخطيب أستاذ الأدب المقارن في كتابه عن «نزار قباني أمير الحرية وفارس العشق» حيث قال: إذا أُعجبت بإبداع أديب ما - أتجنب الاختلاط به حتى لا تتبدد الهالة. لكن الحال بالنسبة إلى نزار قباني كان مختلفا».. لقد نقل الدكتور حسام بأمانة ودقة كل ما جاء من مداخلات نقدية للشاعر خاصة في أمسية دمشق التي كانت محطة مهمة في مكتبة الأسد عام 1988. حيث أنكر دواوينه الأولى - كما جاء في الكتاب - واعتبرها خربشات شعرية وتبنى موقفاً جديداً من المرأة يقول: «أنا الآن لا أستطيع أن أهتم بعلاقة حب مع امرأة تعيش حالة أميّة سياسية أو أميّة ثقافية، لا تعنيني المرأة الخارجة من حوض السباحة. أنا أرفض المرأة حين تكون خارج أسوار التاريخ». وفي مداخلة المحامي الأستاذ نجاة قصاب حسن جاء: «إن نزار لم يكن ذلك الرجل اليعسوب الذي يطوف على زهرات كثيرات، على العكس في حياته الشخصية كلنا نعرف أنه ارتبط بالحب برباطات قوية، وقصيدته في بلقيس، زوجته الحبيبة التي فقدها، تشهد أن الحب عنده حب متين. لم يكن فاسقاً، ولا كان طوافاً، كان في الحب صادقاً، وإذا تكلم من حين إلى آخر عن لون آخر من الحب ، فلكي يعرّي الزيف الذي يُراد به تشويه أجمل عاطفة في تاريخ الإنسانية، ولو كان الحب يرذّل صاحبه لما كان كتب الإمام ابن حزم «طوق الحمامة» ولا كتب الإمام العارف بالله ابن قيم الجوزية أحد كبار المتشددين في الدين كتابه «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» ولو كان الحب مطارداً وممنوعاً لما كان العرب أفردوا له خمسين اسماً، ونادراً ما يفرد مثل هذا العدد إلا لقيمة كبيرة». فما كان من نزار إلّا أن أجاب عن هذه المداخلة بأن: «نجاة في مرافعته هذه اكتشف براءتي في حين أن الدنيا كلها تدينني بالتعهر وبأنني خرجت عن الدائرة الأخلاقية بينما أنا في الحقيقة إنسان متوحد. لقد بهرني لأن غريزة المحامي فيه دفعته لكي يخرجني من السجن الذي وضعني فيه أدعياء الشعر وأدعياء النقد والأخلاق».