15 سبتمبر 2025
تسجيلكان المشهد السياسي في مصر حاضرا كالوهج في ذهنه ووجدانه.. لا تشرد منه شاردة.. في كل جوانب المشهد طاف بالمتابع له والذي انتظر حواره – طويلا- حينما تحدث عن مصر أين وإلى أين؟ تحدث كعادته بكلمات صادقة ورؤية صحيحة للموقف بعد أن وصلت مصر إلى مرحلة الغليان. وعن لحظة ديسمبر الحرجة والتي قال عنها إنها لحظة مهمة وحرجة ولكنها لا تدعو إلى اليأس.. لأنها طبيعية، فمثل هذا طبيعي في حياة الأمم في أوقات الأزمات. وضرب أمثلة عديدة لذلك في العالم وخصص الثورة الفرنسية بما حدث بعدها والفترة الزمنية التي أعقبت ذلك... إنه الأستاذ الكبير محمد حسين هيكل في حواره مع تلفزيون سي بي سي متحدثا عن إرادة الشعب المصري وقواه التي حضرت في الدقيقة الأخيرة أيام ثورة 25 يناير وكيف كانت على نحو باهر أدهش العالم أجمع... أشار الأستاذ إلى ما حدث في مصر في الـ30 سنة الأخيرة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وكيف تدفقت على مصر المليارات التي وصلت لتريليونات من الدولارات.. ولكن للأسف الشديد كان حجم الفساد كبيرا. وأكد الأستاذ أنه كان قلقا جدا على 25 يناير لأنها كانت ولادة على الهواء مباشرة.. وأشار إلى أن الإخوان كانوا عنصرا فاعلا في تلك الثورة ضمن عناصر أخرى أدوا أدوارهم... وكانوا الطرف الوحيد المنظم فاستغلوا الفراغ الناشئ. فأنت لأول مرة أمام حالة ثورة دون قيادة وبلا فكر... لكن الشباب المصري عمل فكرة لا تخطر ببال أحد لأنه أوصل 4 ديسمبر بـ25 يناير مباشرة "شال" كل الفواصل وأظهر وجه الثورة أكثر تصميما وأكثر شبابا وأكثر قوة.. حقا إنه الأستاذ الكبير والكاتب الصحفي الفطين الذي كانت تدرس لنا مقالاته "بصراحة" التي كانت تنشر صباح كل يوم جمعة بالأهرام أثناء دراستنا للصحافة بكلية الإعلام في السبعينيات من القرن الماضي، تحية لهذا الرجل الأشهر صحفيا في عالمنا والذي شهد وشارك في صياغة السياسة العربية إضافة إلى عشرات الكتب التي أصدرها وكتبها عن السياسة والعالم وكبار الساسة وأشهر مواقفهم.. والتي ترجمت إلى 32 لغة في العالم. ولعل من أجمل ما قيل عنه هو ما قاله أنتوني نانتج وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية في وزارة أنتوني إيدن: عندما كان قرب القمة كان الكل يهتمون بما يعرفه.. وعندما ابتعد عن القمة تحول اهتمام الكل إلى ما يفكر فيه.. إن هيكل الأستاذ والمفكر السياسي هو أهم صحفي وكاتب سياسي في تاريخ العرب، وكما قيل عنه أيضا: إنه زمن اختزل في رجل!!