15 سبتمبر 2025
تسجيلمنع محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك يعني عمليا "ذبح الثورة المصرية" بطريقة عملية وعلنية، وتضع ثورة يناير على مذبح الانقلاب والفلول والدولة العميقة، فما جرى لم يكن تبرئة لمبارك، فهو لم يدن أصلا حتى يبرأ، بل تم تطبيق مبدأ أنه لا يجوز محاكمته أصلا، لأن المحاكمة لا تقوم على أي أساس، وبالتالي فإن مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه ما كان يجب أن يقدموا إلى المحاكمة أصلا لانتفاء أي موجبات أو أسباب لذلك.بالطبع ليس هناك فجور في الدنيا أكبر من هذا الفجور الذي يؤكد سقوط المنظومة القضائية في مصر، وإنها ليست أكثر من أداة بيد الانقلابيين من الطغمة العسكرية الجاثمة على صدر مصر، وهي تؤكد أن القضاء في مصر يشكل أحد أهم أركان الدولة العميقة، فهذا القضاء الذي اعتبرت أن سجل مبارك والعادلي نظيف من القتل والجرائم والفساد، هو نفسه الذي يصدر 1300 حكم بالإعدام خلال جلستين، وهذا القضاء الذي يحاكم الرئيس الشرعي المدني المنتخب الدكتور محمد مرسي بتهمة التخابر، هو نفسه الذي برأ مبارك وحسين سالم من إعطاء الكيان الإسرائيلي غاز الشعب المصري "منحة" بأسعار رمزية أذهلت وأدهشت كل سماسرة بيع الغاز في العالم. باختصار، هذا القضاء فاسد حتى النخاع ولا يمثل ذراعا للعدالة بل مخلبا ورأس حربة في محاربة الثورة وإرادة الشعب المصري، وهذه حقيقة واضحة كالشمس في رابعة النهار.إسقاط محاكمة الرئيس الذي خلعته ثورة 25 يناير، يعني إدانة هذه الثورة بوصفها "خروجا عن القانون" لابد من معاقبة من قام بها، وهذا ما يحدث فعلا، فكل رموز ثورة يناير من جميع التيارات في سجون الطغمة الانقلابية الحاكمة، ويحاكمون أمام محاكم هزلية لا قيمة لها من الناحية العملية، وهو المخطط الذي وضعه الانقلابيون وأركان دولة الفساد العميقة بعد انتخاب الدكتور مرسي رئيسا بقوة الشعب المصري.ما تقوم به الماكينة القضائية في مصر هو ذبح الثورة من الوريد إلى الوريد، على رؤوس الأشهاد، وبوقاحة لا مثيل لها في العالم أجمع حاليا، يدعمه في ذلك إعلام غارق في الفساد من رأسه حتى أخمص قدميه من إعلامية من "الأمنجية" الذين يغيبون الوعي ويزيفون الحقائق ويزينون الباطل والانقلاب، إلى جانب شلة الفنانين الفاسدين ورجال الدين المنافقين ورجال الأعمال الذي مصوا دماء الشعب المصري وأغرقوه في الفقر، وحولوا مصر إلى دولة من الدول المهددة بالإفلاس، هذه التشكيلة من "القضاة والفنانين والإعلاميين وأصحاب البزنس ورجال الدين" تحميهم مؤسسة أمنية مستعدة للقتل وإطلاق الرصاص على كل من يعترض عليهم، بقيادة جنرالات الجيش الفاسدة، التي حولت الجيش إلى "ماكينة لحماية الانقلاب وإسرائيل" بدل حماية الحدود.وهنا لابد أن نتوقف عند ما قاله قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بعد إسقاط محاكمة مبارك وأركان حكمه: "مصر لن تعود إلى الوراء أبدا، وتتطلع نحو المستقبل ولا يمكن أن تعود أبداً للوراء" ووعد بتعديل التشريعات التي أسقطت محاكمة مبارك، بالطيع لإغلاق أي نافذة أو "ثغرة" لإسقاط محاكمة الدكتور مرسي" وهذا بالضبط ما يقصده السيسي بقوله: لا عودة للوراء، أي لا عودة على ثورة يناير ولا إلى ما تمخض عنها من انتخابات وحريات، ولا لتمكين الشعب المصري أن يقرر مصيره وأن يختار من يحكمه، ولا لحرية الإعلام ولا للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية التي رفعها الناس في ثورتهم.النظام الانقلابي المدعوم من قوى إقليمية ودولية مصر على "ذبح الثورة في مصر" وإسكات صوت المصريين، لكنه لن يفلح أبدا، فالشعوب لا تهزم حتى لو كان الأحياء منه قلة قليلة.