17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يشعر المستهلكون في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بالفرح لانخفاض أسعار الوقود قبيل موسم العطلات، لأنه يخفض من نفقات سفرهم. ويعود الفضل في هذا، دون شك، إلى تراجع أسعار النفط، إذ انخفضت علامة مقارنة أسعار نفط وسيط غرب تكساس (WTI) إلى حد أدنى جديد يبلغ 77 دولاراً للبرميل، بعد أن تخطت أواخر مايو 2014 سعر 105 دولارات. وأسهمت عوامل دورية وبنيوية، مرشحة للاستمرار بحسب خبراء القطاع، في إحداث هذا التغير في الأسعار، بينما يلقي هذا التغير السريع في أسعار الطاقة الضوء على أهمية التنوع الاقتصادي والمالي في دولة قطر.ولكن ما هي بدقة العوامل التي تؤدي إلى تدني أسعار النفط؟ على صعيد العوامل الدورية، فقد ارتفع السعر في البداية بسبب الاضطرابات الإقليمية أثناء فصل الصيف مع تهافت على الشراء، ولكن الصورة سرعان ما تغيرت عندما تبين أن الإمداد من البلدان المضطربة أعلى من المتوقع. كما تُرجم إمداد إضافي من المملكة العربية السعودية، إلى جانب نظرة اقتصادية عالمية أضعف من المتوقع، إلى ضغط نزولي على علامات مقارنة أسعار النفط.بيد أنّ الصورة الأشمل ترتبط بارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر مستهلك للنفط في العالم، بفضل تقنية تصديع جديدة أدت إلى انهيار ديناميات العرض/ الطلب التقليدية التي كانت سائدة في العقود الماضي: وفقاً لـ "إدارة معلومات الطاقة"، فقد تقلصت حصة النفط الصافية من إجمالي واردات الولايات المتحدة من 60% في 2005 إلى نحو 30% في 2014.هل يعود سعر النفط للارتفاع في المستقبل القريب؟ بالنسبة للعوامل الدورية، يرجح أن يستمر الضغط النزولي نظراً لضعف الطلب في النصف الأول من 2015، وفقاً لتقرير حديث أعدته "وكالة الطاقة الداخلية". أما بالنسبة للعوامل البنيوية، "فقد يحدث شيء من تباطؤ [الإنتاج في الولايات المتحدة]، ولكنه لن يكون مفاجئاً إذا بقيت الأسعار تتراوح حول 80 دولاراً [للبرميل]" وفقاً للنائب الأقدم للرئيس في بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس (نيويورك تايمز) (NYtimes.com). إجمالاً، من الأرجح أن تضطر بلدان مجلس التعاون الخليجي للتأقلم مع أسعار نفط أدنى على الأجل المتوسط. أما على الأجل الأبعد، فتشير توقعات 2024 إلى تقلص حصة النفط من إجمالي واردات الولايات المتحدة إلى 15%، أي نصف المستوى الحالي، وفقاً لـ "إدارة معلومات الطاقة".كما ذُكر آنفاً، فديناميات أسعار الطاقة المتغيرة، التي تلقي بظلالها أيضاً على قطاع الغاز الطبيعي، تستوجب أن تقلل دولة قطر من اعتمادها على النفط والغاز في المستقبل. وتُعدّ حصة عائدات منتجات النفط والغاز من الصادرات من مقاييس الاعتماد على الهيدروكربونات. وتسهم منتجات الثروات المعدنية (الغاز ومنتجات النفط الخام والمكرر) بأكثر من 92% من عائدات التصدير في دولة قطر. وتتوزع نسبة 8% الباقية على أكبر بنود التصدير ألا وهي المنتجات الكيماوية (3%) والمواد البلاستيكية والمطاطية (2%) والمعادن (1%). ويعني الاعتماد المفرط على النفط والغاز أن تقلبات أسعار الطاقة ستؤثر بحدة على عائدات التصدير في دولة قطر. ولكن بلداناً خليجية أخرى برهنت على إمكانية تحسين أداء الصادرات باعتماد المنهجيات المناسبة. ونجحت دولة الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، في تنويع قاعدة صادراتها: لا تمثل منتجات الثروات المعدنية أكثر من 68% من عائدات التصدير، وتأتي المعادن في المركز الثاني (20%)، والآلات في المركز الثالث (4%). وتمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من تنويع اقتصادها بفضل مبادرات متنوعة، ليس إنشاء مناطق اقتصادية فائقة النجاح أقلها شأناً. ومع شروع دولة قطر بإنشاء ثلاث مناطق اقتصادية جديدة، فمن شأن السياسات الصحيحة أن تؤثر تأثيراً كبيراً على أداء صادرات البلد، وأن ترفع حصة العائدات غير الهيدروكربونية بنسبة 25% تقريباً.ولكن لا ينبغي أن يقتصر التنوع على المخرج الاقتصادي للبلد فحسب. سيؤثر التنوع المالي في دولة قطر، عبر عائدات من صندوق ثروتها السيادي، تأثيراً كبيراً على تركيب عائدات موازنتها. ويُعد "جهاز قطر للاستثمار"، الذي تقدر قيمة الأصول التي يملكها حالياً بأكثر من 170 مليار دولار، حديث العهد نسبياً بين صناديق الثروة السيادية، ولكنه استحوذ بفعالية على حصص في رؤوس أموال البنوك والمشاريع التجارية والعقارية في العالم بأسره. وتسهم عائدات النفط والغاز حالياً بنحو 64% من العائدات الحكومية، بينما لا يسهم دخل الاستثمار بأكثر من 14%. ومع نمو حجم "جهاز قطر للاستثمار"، ستجعل العائدات الناتجة من أصوله المولدة للدخل الحكومة القطرية بمنأى عن آثار تقلبات أسواق النفط والغاز.ويرتبط التنوع المالي أيضاً بصورة غير مباشرة بالقطاعات المحلية غير المتعلقة بالنفط والغاز. بالفعل، لا تمثل العائدات الحكومية الناتجة من أرباح الشركات وغيرها من مصادر العائدات في الوقت الحالي، أكثر من 21% من إجمالي العائدات. وقياساً بالعلامات المرجعية الإقليمية، فمن شأن تنوع الصادرات عبر المناطق الاقتصادية الحكومية أن يزيد حصة عائدات الحكومة من أرباح الشركات. ولن يضمن هذا بقاء دولة قطر على قاعدة مستقرة في فترة انخفاض أسعار الطاقة فحسب، بل سيسمح للحكومة بتخفيض سعر النفط الموافق لنقطة التعادل المالي في دولة قطر أيضاً.