14 سبتمبر 2025

تسجيل

حماس والمسألة الوطنية

02 نوفمبر 2023

على السوشيال ميديا وقنوات تليفزيونية في مصر وخارجها في العالم حديث متواصل للبعض من الناس والإعلاميين عن منظمة حماس كمنظمة إرهابية. البعض يتعمق في المسألة ويتحدث عن نشأة حماس والشرخ الذي فعلته في الدولة الفلسطينية فصارت مستقلة عن الضفة الغربية بحكمها وحكامها، وطبعا مرجعهم في ذلك هو ما وراء حماس من أفكار دينية . ليس الأمر محزنا حين تقوله القنوات الغربية والإسرائيلية فهذه حربهم قامت على الأكاذيب. لكن المحزن أن يحدث ذلك في قنوات مصرية أو تبث من مصر، وأن يردده البعض على صفحات السوشيال ميديا متغافلا مجازر إسرائيل للفلسطينيين. لن أتحدث باللغة السهلة للسوشيال ميديا وأتهم أحدا بالعمالة أو التكسب مما يقول. ولن استخدم باعتباري سكندري المنشأ والهوى أصواتا أو ألفاظا سكندرية فأنا لا أبحث عن « تريند». لكن سأعود بكم إلى الحقيقة التي يتغافلها الجميع وهي المسألة الوطنية. حين تكون محاصرا من عدو لسبعين سنة ولا يعترف بوجودك ولا بحقك حتى في دولة مستقلة، فالمقاومة هنا ليست لأسباب دينية، لكنها مسألة وطنية. في المسألة الوطنية لا يختلف أحد، والهروب منها خيانة مهما تذرع الهارب. المسألة الوطينة ليست مسألة اجتماعية عن كيف نقيم نظام الحكم، وكيف تكون العدالة بين الطبقات، وكيف يكون النظام النيابي، وغير ذلك مما يشغل البلاد المستقرة أو المحررة بعد تحريرها. المسألة الوطنية هي كيف تقاوم الغازي لبلادك أو المحتل، وفيها يتفق الجميع ويرجئون خلافاتهم الفكرية عن شكل المجتمع والحياة الى ما بعد الاستقلال. نظرة واحدة إلى أيّ شعب يقاوم المحتل تجد اتفاقا على ضرورة التخلص من الاحتلال، وتكون المقاومة المسلحة أحد أهم مظاهر هذه المقاومة خاصة حين ييأس المقاومون من أي طريق سياسي. سأقول لك ببساطة كم من اتفاق بين الفلسطينيين ممثلين لمنظمة التحرير مع إسرائيل ولم تلتزم إسرائيل بتحقيق أبسط الأهداف وهو حل الدولتين. دولة فلسطينية إلى جوار الدولة الصهيوينة. من هذا المنطلق التاريخي والحقيقي في تاريخ مقاومة الشعوب قامت حماس بعملها في السابع من أكتوبر. هل مثلا حين غزا هتلر فرنسا اختلف الشيوعيون مع الليبراليين في المقاومة. كلهم حملوا السلاح وارجأوا خلافاتهم الفكرية عن شكل المجتمع. حتى الأدباء السرياليين هناك حملوا السلاح. الأمثلة كثيرة. لقد ضاقت الأرض بالفلسطينيين وبالقضية الفلسطينية، وكادت تدخل عالم النسيان في العالم العربي والعالم، وبدا الأمر كأن وجود اسرائيل حقيقة إلهية ولا مكان للفلسطينيين . مظاهر الحصار للضفة أو غزة لا تتوقف، بل يمعن الصهاينة في أحلامهم الكاذبة فأعلنوا القدس عاصمة اسرائيل بموافقة أمريكية أيام ترامب، ويستمرون في الاعتداء علي الأراضي الفلسطينية وسرقتها وطرد سكانها منها. كل مقاومة ظهرت من الفلسطينيين عبر التاريخ كانت مقاومة من أجل الوطن. تحرير الأرض من المغتصب هو القضية الوطنية التي لا يجب أن يختلف عليها أحد. الاختلاف في شكل الحكم بعد أن يعود الوطن. يأتي هؤلاء الذين يتحدثون عن فكر حماس وعقيدتها الدينية الآن ليشوهوا معنى المقاومة الوطنية ويصرفون الناس عن الحقيقة، ولا يسأل أحد نفسه ماذا قدمت إسرائيل مثلا لأهل الضفة الغربية التي لا تتحرك حكومتها في اتجاه المقاومة. ولا يسألون أنفسهم عن مرجعية الصهيونية الدينية التي يتباهى بها نتنياهو في كل خطاب له. إن ما يحدث من تحليل الآن لما هي حماس وماهي أفكارها، هو أبشع مما تفعله إسرائيل. لا الوقت وقته ولا الأرض الآن مكانه. أعيدوا الوطن لأهله ثم تحدثوا عن كيف يكون الحكم فيه.