12 سبتمبر 2025

تسجيل

محكمة قطر الدولية والتقاضي عن بُعد

02 نوفمبر 2020

في ظل تداعيات أزمة جائحة كورونا وما فرضته من عقبات وتحديات لمرافق القضاء وقطاع العدالة في دول العالم، حرصت محكمة قطر الدولية ومنذ بدء الجائحة على الاستمرار في متابعة العمل القضائي في المحكمة وعلى نفس الوتيرة، حرصاً على حقوق المتقاضين وحفظا على جميع الحقوق والمصالح، وذلك من خلال تعزيز تفعيل نظام التقاضي الإلكتروني الخاص بالمحكمة، والذي يعرف اصطلاحاً بمسمى "المحكمة الإلكترونية" أو الـ "eCourt" باللغة الإنجليزية، حيث يسمح هذا النظام للمتقاضين أو من يمثلهم رسمياً برفع الدعوى وقيد صحيفتها إلكترونيا في قلم المحكمة، وإيداع المذكرات وتبادل الردود بين المتقاضين عن بُعد وبشكل إلكتروني كامل دون الحاجة لمراجعة المحكمة، حيث يجري إخطار الأطراف إلكترونيا عند إيداع المذكرات الجديدة من قبل الطرف المقابل مع تمكينهم من الرد عليها إلكترونيا أيضا، وإرفاق أي أوراق أو مستندات مرتبطة بالدعوى. وقد يثور التساؤل لدى البعض حول مدى مشروعية القيد الإلكتروني للدعاوى والمذكرات وتبادلها إلكترونيا بين الخصوم، ولابد من الإشارة هنا إلى أن استخدام الوسائط الإلكترونية في الإجراءات القضائية لاسيما فيما يتعلق بقيد الدعوى وتبادل المذكرات، وعقد جلسات الترافع الإلكتروني، والمرافعة عن بُعد، وحضور الجلسات عبر الاتصال المرئي، والنطق بالحكم عن بُعد، واستلام نسخة الحكم عبر النظام الإلكتروني قد جاء متوافقا مع القواعد الإجرائية المعمول بها في محكمة قطر الدولية، والتي تجيز استخدام الوسائط الإلكترونية في جميع الإجراءات القضائية وفي جميع الدعاوى بناءً على قرار رئيس المحكمة وفقا لسلطته التقديرية. وقد أدى استخدام نظام التقاضي الإلكتروني (المحكمة الإلكترونية) من قبل الخصوم إبان جائحة كورونا إلى تفادي عرقلة سير الدعاوى المنظورة أمام المحكمة أو بطء إجراءاتها. وتمارس محكمة قطر الدولية صلاحياتها المخولة إليها بموجب قانون مركز قطر للمال رقم 7 لسنة 2005 وتعديلاته، حيث تختص بالنظر في الدعاوى المنصوص عليها في البنود (ج) و(د) من الفقرة 3 من المادة 8 من هذا القانون، وفي الأحوال العادية، ترفع الدعوى بقيد صحيفتها في قلم كتّاب المحكمة في سجل الدعاوى المخصص، ويتم إعطاؤها رقما متسلسلا، بعد أن يتحقق رئيس قلم الكتّاب من الاختصاص الولائي للمحكمة بنظر الدعوى، واستيفاء صحيفة الدعوى كافة البيانات الإلزامية المنصوص عليها مرفقا بها كافة مستندات الدعوى، وبعد أن ينتهي الخصوم من تبادل المذكرات والردود، يُحدد موعد للمحاكمة، ويتم إعلانه إلى الخصوم لحضور الجلسة وفقا للأصول المتبعة في القواعد الإجرائية للمرافعات المدنية والتجارية لمحكمة قطر الدولية. ويسمح نظام التقاضي الإلكتروني المستخدم حاليا بالمحكمة باتخاذ كافة الإجراءات السابقة إلكترونيا باستخدام الحاسب الآلي والإنترنت، حيث يستطيع المدعي إيداع صحيفة دعواه وتقديمها إلى قلم المحكمة إلكترونيا، حيث يقوم قلم الكتّاب بعد استلام طلب قيد الصحيفة بالتحقق من اختصاص المحكمة ابتداءً، وفيما إذا كانت الصحيفة مستوفية لكافة البيانات والمستندات المطلوبة والتي يجب إرفاقها معها قبل تسجيلها، وفي حال خلو صحيفة الدعوى من بعض البيانات الإلزامية أو الأوراق أو المستندات الداعمة لها، يقوم قلم المحكمة بالتواصل إلكترونيا مع المدعي مقدم الصحيفة لاستكمال النواقص أو إجراء التصحيحات اللازمة، أما إذا كانت الصحيفة مستوفية لكافة المطلوبات، فيقوم قلم المحكمة عندئذٍ بقيد صحيفة الدعوى وإعطائها رقما متسلسلا في سجل خاص ضمن قاعدة بيانات الدعاوى وإخطار المدعي بذلك إلكترونياً لتمكينه من إعلانها إلى المدعي عليه، وتعتبر الدعوى مرفوعة ومنتجة لآثارها من تاريخ هذا القيد الإلكتروني. ويقع بعد ذلك عبء إعلان صحيفة الدعوى على المدعي وفقا للقواعد الإجرائية للمرافعات في المحكمة، ويستطيع المدعي إعلان صحيفة الدعوى باستخدام إحدى وسائل الإعلان المنصوص عليها في قواعد المحكمة الإجرائية، التي تشمل تسليم إعلان الدعوى إلى المدعى عليه في موطنه، أو من خلال البريد المسجل، أو من خلال الوسائل الاتفاقية بين الخصوم، بالإضافة إلى إمكانية إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه إلكترونيا إلى جانب وسائل الإعلان الأخرى المشار إلها، حتى يكون الإعلان صحيحا ومنتجا لآثاره القانونية، إذا لا يجوز الاكتفاء بالإعلان الإلكتروني وحده إلى المدعى عليه، إذ لابد أن يكون الإعلان الإلكتروني مصاحبا لإحدى الوسائل الأخرى للإعلان تحقيقاُ لمبدأ مواجهة الخصوم، إلا أذا رأت المحكمة وفي حدود سلطتها التقديرية إمكانية الإعلان بطريق البريد الإلكتروني فقط وفقاً لظروف الدعوى. وبعد أن يتحقق قلم المحكمة من صحة الإعلان الذي قام به المدعي، تبدأ عملية تبادل المذكرات إلكترونياً بين الخصوم، بحيث يستطيع كل من المدعي والمدعى عليه أو من يمثلهما رسميا الاطلاع على كافة المذكرات المودعة من قبل الطرف الآخر "عن بُعد" وبشكل إلكتروني كامل دون الحاجة لمراجعة المحكمة، حيث يجري إخطار الخصوم عند إيداع أي مذكرات جديدة من قبل الخصم مع تمكينهم من الرد عليها وإرفاق أي أوراق أو تقارير خبرة أو مستندات مرتبطة بالدعوى إلى أن ينتهي الأطراف من تبادل الردود. وبعد ذلك، يقوم قلم كتّاب المحكمة بتحديد موعد جلسة المرافعات الأولى عن بعد وإعلانها للخصوم إلكترونياً لحضور الجلسة باستخدام وسائل الاتصال المرئية والمشفرة والخاصة بالمحكمة، كما يقوم بنفس الوقت بإحالة ملف الدعوى إلى هيئة المحكمة المختصة بنظر الموضوع تمهيداً للفصل بها، لتبدأ بعد ذلك إجراءات التقاضي والترافع الإلكتروني أمام المحكم في الجلسة المحددة. وفي يوم موعد الجلسة الأولى، يقدم الخصوم مرافعاتهم الشفوية من خلال وسائل الاتصال المرئية، والتي قد تحتاج إلى عدة جلسات، إلى أن ينتهي الأطراف من تقديم مرافعاتهم وتقرر المحكمة قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم، وتقوم المحكمة بإصدار الحكم عن بُعد في الجلسة المحددة لذلك، ويستطيع الأطراف حضور تلك الجلسة باستخدام وسائل الاتصال المرئية، كما يستطيع الخصوم الحصول على نسخة من الحكم عبر النظام الإلكتروني ودون الحاجة إلى الحضور شخصيا إلى مقر المحكمة. وتجدر الإشارة إلى أن جميع جلسات المحاكمة التي تتم باستخدام وسائل الاتصال المرئية علنية، أي بمعنى أنه يسمح فيها بالحضور لأي شخص ولو لم تكن له صلة بالدعوى، احتراماً لمبدأ علانية المحاكمة، التي ترتبط بالمحافظة على حقوق الدفاع، وتضمن حياد القضاة ونزاهتهم بفضل خضوعهم لرقابة الرأي العام. حيث يستطيع أي شخص حضور جلسات المحاكمة بالضغط على الرابط الموجود على الموقع الإلكتروني للمحكمة. وقد ساهم استخدام نظام التقاضي الإلكتروني بالمحكمة، والتكنولوجيا الحديثة في جلسات المحكمة لاسيما خلال جائحة كورونا، وبما توفره من شفافية واختصار للوقت والجهد وتسريع إجراءات التقاضي في تعزيز تحقيق العدالة الناجزة والارتقاء بالخدمات العدلية.