11 سبتمبر 2025
تسجيلعلى الولايات المتحدة الأمريكية ديون أخلاقية هائلة للعالم بسبب ما قامت به وتقوم به من أعمال تتعلق بمسار الأمن والسلم في جميع أنحاء العالم، وذلك كله بحجة حماية الأمن القومي الأمريكي، فإذا تم تنفيذ عملية إرهابية في عمق قارة إفريقيا فإن ذلك محفز لإطلاق الصواريخ وقصف المدن والقرى ووقوع ضحايا في الغالب مدنيين لا علاقة لهم من بعيد أو قريب بالإرهاب، بل وربما لا يعرفون موقع أمريكا في الخريطة أو وجودها وتأثيرها في حركة العالم. بحثا عن الإرهابيين وهدما لتجمعاتهم ومقارهم أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تخترق أمن كثير من الدول، وتستخدم في ذلك أفضل التقنيات التي تعطي أسوأ النتائج في كثير من الأحيان، فقد طورت منذ منتصف القرن الماضي ما يعرف بالطائرات بدون طيار "الدرون" وكثفت استخدامها في السنوات الأخيرة في حربها على الإرهاب خاصة في اليمن وباكستان وأفغانستان، وكان حصاد ذلك سقوط مئات المدنيين الأبرياء. حين تستهدف هذه الطائرات موقعا إرهابيا محتملا في جبال اليمن أو باكستان فإنها لا تفرق بين مدني وإرهابي وإنما تقصف وليمت من يمت، وقد ينجو الإرهابي وتخلف الغارة عشرات القتلى المدنيين، ولا يمكن محاسبة القوة العظمى على هذه الأفعال التي يمكن تكييفها أخلاقيا وقانونيا في نطاق الجريمة ضد الإنسانية، فليس منصفا أن تستهدف إرهابيا وتكون النتيجة ضحايا مدنيين، ذلك يحدث في باكستان بصورة كثيفة. مع تكرار عمليات الموت المجاني، جددت باكستان أمام الأمم المتحدة مطالبتها الولايات المتحدة بوقف الغارات التي تشنها على أراضيها طائرات أمريكية بدون طيار، وقال السفير الباكستاني في الأمم المتحدة مسعود خان أمام لجنة حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة إنه "في باكستان، كل الهجمات التي تشنها طائرات بدون طيار تذكر وبطريقة مروعة بأن الإرهابيين قد ينفذون أعمالا انتقامية في أي مكان" في البلاد". وتشير الإحصاءات في حالة باكستان إلى أن 400 من أصل القتلى الـ 2200 الذين حصدتهم هذه الغارات منذ بدأت قبل عشر سنوات هم مدنيون، وذلك ولا شك يضعنا أمام حالة أخلاقية وإنسانية تتطلب أن تتراجع الولايات المتحدة عن هذا السلوك الوحشي في حصدها للأرواح دون مساءلة أو عقاب، فذلك لن يجلب الأمن للعالم كما قال المقرر الخاص للأمم المتحدة لحالات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي هينز كريستوف بأن عالما يستخدم فيه الكثير من الدول هكذا أسلحة بطريقة سرية هو عالم أقل أمنا.