12 سبتمبر 2025

تسجيل

عدم الابتلاء بالداء افضل من الدواء

02 أكتوبر 2018

منذ سنوات والحكومة الأوروبية تدق نواقيس الخطر، بسبب ظاهرة الإفراط في تعاطي الكحول، بدرجة أن علماء النفس والاجتماع الغربيين يصفون تفشي تعاطي الكحول بكميات تجارية، على نحو يومي، بأنه ظاهرة مَرَضية (من المرض وليس من الرضا)، ففي بريطانيا مثلا شهد عام 2015 وحده ضياع 22 مليون ساعة عمل، بسبب معاناة العاملين من آثار العدوان الكحولي، والمعاناة المقصودة هنا، هي تأثير الخمر على من يتعاطاها لنحو 12 ساعة بعد التوقف عن الشرب، وهناك عادة "الغداء السائل" في عموم أوروبا، فلأن العمل فيها مقسوم على فترتين تتخللهما وجبة الغداء، فإن كثيرين يفضلون ملء البطون بالبيرة. وكان آخر رئيس للاتحاد السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، قد أعلن إثر دخوله الكرملين أن أكبر خطر يهدد مستقبل البلاد، هو أن معظم البالغين يشربون الفودكا كل ليلة وكأنها "آخر زادهم"، وفي معظم بلاد العالم، فإن شاربي الخمر يضعون كؤوسهم أمامهم ويتغزلون بها طويلا، ثم يأخذون منها رشفات خفيفة، كي تطول "القعدة"، ويحلو السمر، أما الروس فلا يعرفون خمرا غير الفودكا، ويملأ كل واحد منهم كوبه منها بما يعادل نصف اللتر، ويكرعه في شفطة واحدة. المهم أن شرب الخمر صار وباء في المجتمعات الغربية، وبعد أن انضمت جمهورية التشيك للاتحاد الأوروبي، بعد انغلاق عن العالم الخارجي ل44 سنة، سمع أهلها أن البيرة التي ظلت تنتجها بلادهم منذ عام 1118م تحظى بجماهيرية عالية، فقرروا أن جحا أولى بلحم ثوره، وهكذا تصدرت جمهورية التشيك قائمة الدول المستهلكة للبيرة، بعد أن كان فرسان هذا الميدان هم البريطانيين! ولأن هناك ضربا من العلم أو الاختراعات لا ينفع، أو ضرره أكثر من نفعه، فإن هناك فئة من العلماء يبتكرون عدداً من البلاوي التي تفاقم المشكلات التي تعانيها مختلف المجتمعات، وآخر ابتكارات هذه الفئة من العلماء هي أقراص "آر.  يو 21"، والاسم تلاعب بالتساؤل: هل بلغت الـ 21؟ ولتعرف مزايا هذه الأقراص عليك بتناول واحدة منها قبل تجرُّع نصف زجاجة ويسكي، وست كاسات من الفودكا، وربع زجاجة من البراندي، وثلاث كاسات من الجن (ثقافتي الكحولية لا بأس بها!). ستسكر وتحسب المهر ديكا، وقد تقضي ليلتك نائماً على الرصيف أو في مقلب قمامة، ولكنك ستصحو في اليوم التالي دون أن تعاني من "الهانج أوفر"، الذي هو خليط من الصداع والحموضة والإحساس بالقرف والعطش وفقدان القدرة على التركيز!  يعني أولئك العلماء يقولون للناس:  ولا يهمكم؛  اشربوا زي ما بِدّكم، وأقراص آر يو 21 ستقوم بالواجب، فالهانج أوفر يحدث عن تراكم مادة سامة اسمها أسيتالديهايد في الدم، وتقوم تلك الأقراص بالتخلص من تلك المادة! بعبارة أخرى، فإن أقراص مقاومة أعراض السُّكْر هي في حد ذاتها سم زعاف، لأنها تشجعك على شرب أكبر كمية ممكنة من الخمر دون أن تشيل همَّ تأثيرها عليك في اليوم التالي!  ولكن مكمن الخطر الحقيقي في توفر هذا النوع من الأقراص هو أنه، كما أن الخمر تعطيك إحساساً كاذباً بالفرفشة والنعنشة، فإن الأقراص توهمك بأنك في أمان من عواقب الخمر، فتزيد الجرعة والعيار، والنتيجة؟ قد لا تكتشف الأضرار الحقيقية للخمر إلا بعد أن تصاب بتليُّف أو تحجر الكبد! بعبارة ثالثة فإن هذا العقار من أسلحة الدمار الجسماني الشامل، فقد قامت بتطويره أصلاً المخابرات السوفيتية كيه جي بي، وكانت تعطيه لعملائها وجواسيسها كي يستخدموها وهم في جلسات شراب مع مسؤولين غربيين، فيجعلون أولئك المسؤولين سُكارى على الآخر لتنطلق ألسنتهم بالأسرار، بينما هم (العملاء والجواسيس) أقل معاناة من تأثير الكحول. [email protected]