10 سبتمبر 2025

تسجيل

الخطط الاستراتيجية وأثرها على المنطقة العربية

02 أكتوبر 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عندما تشعل النار، وترى أن هناك جمرة متقدة، وتقدح شررا، وأخرى ميتة لا حراك فيها، فتسعى لتقليبها وتقريبها من النار المتقدة حتى تشتعل بسرعة. هكذا نحن.. مصيرنا بمن يرسم الخطط الإستراتيجية ويضع سبل تحقيقها أن تكون هذه الخطط قريبة المدى أو بعيده المدى، منها ما يتحقق في خمس سنوات ومنها عشر سنوات ومنها ما يتأخر إلى أربعين سنة، ومنها ما يحتاج إلى تطوير بعد مرور مائة عام، تمامًا كمن يدير موقد النار، فقد كان يحرك الهواء بالمروحة اليدوية ثم بالمنفاخ اليدوي. اليوم هناك مواد سريعة الاشتعال بمجرد سكبها تحصل على ما تريد وأجهزة نفخ كهربائية. إذ التطور العلمي والاقتصادي له دور كبير في تنفيذ الخطط، وما يطرأ عليها من مستجدات، فلو نظرنا إلى خارطة الشرق الأوسط نرى أن قضية الأعراق والإثنيات تم استغلالها لإثارة المشاكل والتقسيم منذ أكثر من سبعين سنة. فالجمرة المشتعلة التي تحرك كلما اقتضت الحاجة يدُفع بها إلى السطح! وكذلك بعض الاختلافات الأيديولوجية والعقيدية، تنكأ وقت الحاجة.إن مركز الدراسات الإستراتيجية والذي يرسم تلك الخطط استفاد من كل المعلومات التي سجلها المستشرقون قبل مائة وخمسين سنة، أو ثلاثمائة سنة. فرحلات المستكشفين هي خطوات أولى نحو الاستعمار، ولكن دعنا نتعرف على معلومة مهمة وهي أنهم عندما درسوا التاريخ لم تكن تعنيهم بعض التفاصيل بقدر تركيزهم على ميزان القوى وكيف نمتلكها، تمامًا، كما فعل السلطان محمود بن سبكتكين أو المعروف بمحمود الغزنوي، عندما أراد فتح الهند ونشر الإسلام فيهابعث العالم الجليل البيروني لدراستها دراسة شاملة وافية، من حيث، جغرافيتها، مسالكها، وطرقها الجبلية والسهلية والنهرية ومكونها الاجتماعي والعلاقات بين طوائفها، وإمكاناتها المادية والموارد البشرية والطبيعية، واللغات المستخدمة.فجلس البيروني رحمه الله عشرين عامًا يدون كل ما يعرفه عن الهند، حتى قاس محيط الأرض فيها، وهكذا تمكن محمود الغزنوي من دخول الهند وفرض السيطرة عليها وأقام فيها حكومة مسلمة استمرت طويلًا، وهاهم اليوم يروننا عراة مكشوفين دون أهداف أو قيم أو أخلاق أو ثروات أو جغرافيا. فنحن تلك الجمرات المشتعلة والخامدة والمترمدة، يعرفون عنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا، لذلك مازلنا في متناول الكماشة.القضايا العرقية والإثنية ما زالت موجودة وكذلك القضايا الثقافية خاصة بعد انتشار العولمة، أصبحنا مسخًا، لغتنا ضعيفة مناهجنا الدراسية وعلومنا متخلفة عما وصلت إليه شعوبهم من ثورة علمية وفي أرض الواقع تم إثارة الفوضى الخلاقة، والتي تحمل شعارات كبيرة وأهدافا غير واضحة، واستُغل السخط الشعبي بطريقة ذكية، فحدثت الثورات العربية، وتم التخلص من الشخصيات التي بات ضررها على مخططهم الإستراتيجي أكثر من نفعها وبدأنا بتنفيذ خطة برنارد.أولها: سحق العراق وتغييرها تغيرا ديموغرافيًا، والسيطرة على مواردها الاقتصادية، أما عن سوريا، فيجب القضاء على الطموح السني والذي بات مطحونًا بسبب تنفذ الأقلية العلوية على الغالبية السنية، والتي اكتشفت مؤخرًا لعبة الأحزاب التي تغذي التيارات الفكرية خاصة حزب البعث ودوره الخبيث في حماية إسرائيل. وقامت الثورة السورية، والتي مثلت تهديدًا قويًا لأمن إسرائيل...خصوصا عندما تسلمت قطر الملف السوري ازدادت قوة الثوار وأصبح خطرهم كبيرًا، خاصة أنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من دمشق لذا فإن اللوبي الصهيوني والذي يدير تلك الخطط لم يغمض له جفن.إذا تمكن هؤلاء الثوار الحقيقيون من الاستيلاء على دفة الحكم وعادت الأمور إلى نصابها، خرج الأمر عن سيطرتهم، وربما أحرقت نار الموقد عيني مديرها، فاستخدم أدواته والذين نعرفهم جيدا لتنفيذ خططه. حيث تسلم ملف القضية خادمهم الأمين سفير المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو على دراية بتقديم الخدمات لأمريكا أكثر من الصهاينة أنفسهم، فقام بندر بن سلطان بجريمة القضاء على الأمل العربي الإسلامي السني، المتمثل في المقاومة السورية، فعندما تسلم الملف، أوقظ داعش، وهي مجموعة من المتطرفين الخوارج. بالتعاون والتنسيق مع إيران وبإدارة موسادية، جاءت بمجموعة من رجالهم المحالين على المعاش في جورجيا وصربيا وأوكرانيا، والمدربين تدريبًا عسكريًا عاليًا، تم تقوية داعش بدعم ورعاية سعودية.فآل سعود يحسنون استثمارهم جيدًا، فقد استفاد منهم عبدالعزيز في حروب التوحيد تحت مسمى إخوان من طاع الله، ثم تخلص منهم بعد إعلان التوحيد، لأنهم أصبحوا عبئًا عليه إذًا نجحت داعش في القضاء على آمال الجهاد والمجاهدين.استخدم الحليف الإستراتيجي القديم متمثلا بآل سعود كما استخدم أيام الحرب العالمية الأولى، والذي نجح في القضاء على أحلام الثورة العربية الكبرى وأملها بقيام دولة عربية كبرى من الأناضول إلى اليمن، بقيادة الشريف حسين ونجحت السعودية بضرب الثورة السورية، وتأمين إسرائيل وحماتها العلويين من الثوار وأصبحت القضية السورية بالنسبة للرأي العام العالمي مجموعة من المارقين الخارجين على الدولة وبَقى الأسد، وتحطمت آمال المطحونين والثوار الحقيقيين وتدخلت السعودية كذلك في عاصفة الحزم في الشأن الداخلي اليمني ففي الظاهر.. إعلان الحرب على الحوثي، وفي حقيقة الأمر معارك طاحنة موجهة للمعارضة السنية المتمثلة في حزب الإصلاح والإخوان المسلمين وبقايا المجاهدين من العرب الأفغان والقضاء على الأحزاب الإسلامية والتي تمثل خطرًا حقيقيًا على كياناتهم الهشة وأبيد الشعب اليمني والذي تعرض للسحق بطائرات سعودية إماراتية مشتركة، وتم تمكين الحوثي وعلي عبدالله صالح وقضي على أمل الإصلاح والعروبيين.وبات التنافس السعودي الإمارتي رهانا بين بقاء وحدة اليمن أوتقسيم اليمن وهنا، لم يبق في وجه التطبيع وحلم إسرائيل الكبرى إلا ذاك التحالف السني الضعيف بين قطر وتركيا والكويت خاصة أن الأغلبية من أبناء قطر تمسكوا بدينهم، رغم محاولات التطبيع وبتأييد من حكومتهم الرشيدة المؤمنة بنصرة قضايا الأمة وتحمّل همومها، وفعل الخير، ومساعدة المحتاجين وإغاثة الملهوفين وتدعم المشايخ الرافضين للتطبيع الحاملين هموم الأمة، إذًا، يجب القضاء على من تبقى من الشرفاء فهذه هي الخطوة الأخيرة لسحق العقبة البسيطة المتبقية أمام خطة برنارد.فكيف تنتهي هذه الأزمة، إذا نظرنا إلى الخريطة، فإ ن جذوة الجمرة التي حملت إلى المنطقة، تهدف إلى تقديم بروسترويكا جديدة وهي: تقسيم الحليف الإستراتيجي المتمثل في المملكة العربية السعودية.هل سنرقب تقسيمات أخرى وتغييرا في خارطة الشرق؟فخارطة الشرق الأوسط الجديد تهدف إلى بلقنة الجزيرة العربية إلى أكثر من ثماني دول صغرىحيث تبين لليهودي برنارد لويس عدم جدوى سايكس بيكو وتهالكها.وهل سينجح استفتاء كردستان في إقامة إسرائيل الكبرى؟هل سيتمكن الكيان الصهيوني من اجتياح الشمال السعودي كما نجح في اجتياح بيروت ١٩٨٢؟خصوصا إذا نجح انفصال كردستان عن العراق؟تاريخيًا فإنه كلما اختلقت مشاكل بين الدول العربية فإن إسرائيل تنجح في تعزيز كيانها، فقد وجهت الحرب العراقية الإيرانية لحماية أمن إسرائيل خوفًا على كامب ديفيد من الدور العراقي الرافض لها.اليوم من بقي مؤمنا بقضايا الأمة سوى قلة من أبناء الشارع العربي المدعوم من تركيا وقطر.