13 سبتمبر 2025
تسجيلإن فريضة الحج من الفرائض التى تظهر عظمة الاسلام والمسلمين. الاسلام فى عدله ورفقه والمسلمون فى اتحادهم وترابطهم وتعاونهم، فالحج موسم عظيم تتجسد فيه وحدة المسلمين فى أحسن مظاهرها وأبهى حللها، حيث تذوب الفوارق وتتلاشى الحواجز ويجتمع المسلمون فى مشهد رائع يبعث السرور ويسعد النفوس ويبهج الأرواح. فالمولى جل في علاه جعل أمة الاسلام خير الأمم فخصها بعبادات وقربات يخلص فيها العبد لربه فيسأله الجنة ويتعوذ به من النار عندئذ يتجلى الحق على عباده فيجعل لهم أيام خير وبركة الخير فى الطاعة والبركة فى العمر والأولاد والأموال انها أيام الله التى من الله بها على عباده ليتزودوا وخير الزاد التقوى ويكفى هذه الأيام شرفا يوم عرفة الذى يتجمع الحجيج فيه على عرفات الله بلباس واحد هو لباس الاحرام فى مقام واحد هو مقام العزة والاكرام،الناس سواسية لا فرق بين أبيض ولا أسمر ولا بين غنى وفقير،فان الاجتماع والاتحاد والاتفاق سبيل الى القوة والبقاء، والتفرق والاختلاف طريق الى الضعف والانهزام. وما ارتفعت أمة من الأمم وعلت رايتها الا بالوحدة والتلاحم بين أفرادها وتوحيد جهودها والتاريخ شاهد على ذلك عندما يقف الحجاج يبتهلون ويتضرعون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك. العبد يتضرع والرب سبحانه وتعالى يقبل ويغفر فيقول الله لعبده لبيك وسعديك ارجع مأجور غير مأزور فيرجع العبد كيوم ولدته أمه حقا انها الأيام الطيبة يقول الحق سبحانه وتعالى (والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود)البروج1 — 3 والعظيم لا يقسم الا بعظيم فهو اليوم المشهود فى قول الحق وشاهد ومشهود فعن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة) رواه الترمذي، ففى الحج يجتمع المسلمون من أقطار الأرض حول البيت العتيق،البيت الذى يقصدونه بقلوبهم وأفئدتهم من خلال صلواتهم فى بلادهم الشاسعة البعيدة، هم الآن يجتمعون حوله ويرى بعضهم بعضا يتصافحون ويتشاورون ويتحابون. فالمسلم فى هذه الأيام المباركة بين طائف ومعتمر وبين متصدق و(مضحى) وبين ذاكر وشاكر ففى هذه الأيام ترتفع أكف الضراعة لرب البرية كل حسب استطاعته وما أجمل أن نضحى ونصوم سائلين المولى أن يمن علينا بحج مبرور وذنب مغفور، فعلى صعيد عرفات يقف حجاج بيت الله الحرام ترتفع الأيدى والابتهال الى رب البرية والمخلوقات عندئذ تسكب العبرات تضرعا لرب السموات وطمعاً في الجنات وخوفا من النيران. إنها حقاً أيام مباركة ورحمة متنزلة ومنحة من رب جليل لخير أمة أخرجت للناس، فلقد جعل المولى سبحانه وتعالى للمسلمين فى أيام دهرهم نفحات وأمرهم بالتعرض لعل أحدهم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدا، فأمة الاسلام أمة واحدة جمع الله بينهم تحت مظلة واحدة وهى مظلة التوحيد لرب العالمين وتحت راية واحدة وهى راية الايمان بالواحد الديان، فجعل لهم شعائر تجمعهم فى صعيد واحد وهم يلبسون زيا واحدا يناجون ربا واحدا، انها الفة القلوب وتجميع الأبدان بألسنة تلتهج بذكر الواحد الرحمن، وفى مثل هذه الأيام من كل عام تثور فى نفوس المسلمين نوازع الشوق للسفر الى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج المباركة فمن طمع فى العتق من النار ومغفرة ذنوبه فى يوم عرفة ليحافظ على صيام يوم عرفة فعن أبى قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية.