11 سبتمبر 2025

تسجيل

الخوارج الجدد

02 سبتمبر 2016

نجح قائد تنظيم الدولة الإسلامية، أبوبكر البغدادي بإخراج زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري عن طوره، ودفعه إلى استخدام لغة غير مسبوقة، وهاجم قائد تنظيم الدولة بضراوة، ونعته بالكذاب والغادر والمفتري ومثير الفتن والناكث للعهد، وبأنه لا يصلح للولاية الشرعية، وبأنه قائد لزمرة من "الخوارج الجدد"، وبأن تنظيمه خنجر في ظهور المجاهدين. بل ذهب الظواهري أبعد من ذلك عندما شكك بالبغدادي وارتباطاته المشبوهة وقال:"إن تنظيم الدولة عطل زحف المجاهدين نحو دمشق، وساعد نظام الأسد على استعادة بعض المناطق التي خسرها لصالح المجاهدين". لم نعتد على مثل هذا الغضب العارم من قبل الدكتور الظواهري، وهو المعروف بصبره وهدوئه، وعدم استخدامه لهذه اللغة ضد أي فصيل إسلامي، وهذا يعني أنه وصل إلى "مرحلة المفاصلة الكاملة"، ورفع الغطاء بشكل كامل عن البغدادي الذي وصفه بأنه يقود زمرة من "الخوارج الجديد"، واعتبر أن ما أحدثه إبراهيم البدري، وهو الاسم الحقيقي للبغدادي وزمرته جرمية مضاعفة، و"كشف كل ما في قلبه فكفر قيادة القاعدة وجبهة النصرة، بل وكل من يقاتلهم وكأنهم أنبياء يكفر من يقاتلهم، وأعطى جنوده إجازة مفتوحة بالإفساد، فكل من يتصدى لعدوانهم فهو كافر". واتهمه بالتآمرقائلا :"كان البدري وزمرته خنجرا في ظهر المجاهدين فأخروا جهادهم في الشام ومكنوا بفتنتهم أعداء الإسلام من استعادة بعض ما فقدوه وعطلوا زحف المجاهدين نحو دمشق".. واتهم الظواهري البغدادي بالغدر قائلا: "اليوم تبيع أمريكا وحليفاتها عراق الخلافة للصفويين الروافض الذين يستولون على مناطق أهل السنة وإخوانهم في الشام لا يستطيعون أن يمدوا لهم يد العون لأنهم يخشون من غدر خوارج البدري الجدد وإجرامهم"، وقال:" كنا نناصحهم في السر وكان ما يقلقنا في العراق لا نستطيع التأكد منه ولكن لما حصلت فتنتهم في الشام انكشفت لنا الحقيقة البشعة المخيفة، فقد جاءتنا الشهادات المتواترة من إخواننا الذين أرسلناهم للشام ومن إخواننا الثقات القدامى ومن غيرهم". ووصف تكفير البغدادي لقيادة القاعدة بأنه تكفير "سياسي انتفاعي مصلحي للاستئثار بالسلطة والاستفراد بالملك على مذهب "كفر لتفجر لتستأثر".. وكشف الظواهري أن البغدادي طلب منه النزول عند رأيه، وأن تأخره عن ذلك "سيؤدي لسكب المزيد من الدماء". بالعودة إلى الجذور، نجد أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ظهر إلى الوجود في التاسع من أبريل 2013، وأعلن خلالها البغدادي دمج "جبهة النصرة في سوريا مع الدولة الإسلامية في العراق، الأمر الذي رفضته "جبهة النصرة"، التي أعلنت ولاءها لزعيم تنظيم القاعدة، على لسان أميرها محمد الجولاني، وبعد شهرين، وتحديدا في 9 يونيو 2013، أعلن زعيم الظواهري حلّ "دولة العراق والشام الإسلامية" مع بقاء كل من "جبهة النصرة" في سوريا، و"دولة العراق الإسلامية" في العراق، إلا أن البغدادي رفض ذلك واتهم "الظواهري" بأنه من "القاعدين والمتخاذلين وأصحاب الهواء العاجزة أبصارهم". حاليا لم يبق أي غطاء إسلامي لتنظيم الدولة الإسلامية، أو البغدادي، فالظواهري طرده تماما من حظيرة القاعدة، وصنفه عدوا للإسلام والمسلمين عندما نعته بالخيانة والغدر، وبأنه من "الخوارج الجدد"، وهذا المصطلح يخرج "تنظيم الدولة" من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر. لا شك أن الضربة التي وجهها زعيم تنظيم القاعدة للبغدادي وتنظيمه تعتبر الأشد فتكا، فهي طعنة نجلاء في مقتل، وتأتي في أعقاب آراء مشابهة لكل من منظر التيار الجهادي أبومحمد المقدسي، والقيادي الجهادي أبوقتادة. البغدادي خسر معركة الشرعية والغطاء الإسلامي، وبات منبوذا من قبل القيادات الجهادية الإسلامية وعلماء المسلمين، وسيضطر تنظيم الدولة المعروف إعلاميا باسم "داعش"، إلى القتال من أجل استرجاع شرعيته الإسلامية التي سحبها منه الظواهري والمقدسي، وهو أمر صعب المنال، إن لم يكن مستحيلا، نظرا لثقل الاتهامات التي كالها الظواهري له ووضعه خلالها في خندق واحد مع نظام الأسد. وعلى ما يبدو فإن الفن الوحيد الذي يتقنه البغدادي هو "صناعة الأعداء" والتورط في حروب عبثية مهلكة للثوار والمجاهدين الذين يقاتلون من أجل الحرية.