16 سبتمبر 2025
تسجيلونحن نقترب شيئا فشيئا من الانفراج في المرحلة الرابعة، يواجه المديرون والمسؤولون وضعا جديدا في تاريخهم الإداري، انه التعامل مع الموظفين بعد ابتعاد عن العمل قرابة الستة اشهر. هذا الوضع الجديد قد يجعل المدير حائرا بين أربعة معطيات: حرصه على سير العمل، وتطبيقه للاحترازات الجديدة، ورغبته في الإنتاجية التعويضية، وأخيرا حفاظه على العلاقات المتينة مع هؤلاء الموظفين. هذه الصراعات الأربعة كفيلة بأن يمارس المسؤول استراتيجيات توفيقية كي يثبت كفاءته في الإدارة؛ فتبدأ الدوامة باللف لتقف عند النموذج المناسب لتلك المؤسسة. العلماء يقولون إن الإدارة عدة أنواع منها: التسلطية والديمقراطية، والمتساهلة، والتوفيقية، لكن يبقى الموقف نفسه هو الماستر الذي يفوز، ولا يوجد إدارة من نوع واحد من تلك الأنواع، في بداية شهر ذي الحجة كنت في حديث أخوي مع الدكتور ناصر الدوسري حول الأوضاع أثناء وبعد كورونا، فقال: مسك الأمواس ولا إدارة الناس. نعم المسؤولية تكليف - لا تشريف - تتناغم عندما تشعر أنك تعمل بطاقة أكبر مما يعمل بها الموظفون، وعندما لا يريد الموظفون سماع تعليقات صريحة منك كمسؤول بل يريدون سماع الثناء فقط، وعندما يكون عليك في كل مرة أن تقول للموظف ماذا عليه أن يعمل، وعندما يرفض بعضهم التعاون مع زملائه لسبب ما، وعندما لا يعلم بعض الموظفين أنهم رائعون أو متميزون، وعندما لا يتابع الموظف ما بدأ به حتى بعد تمام إنجازه، أو عندما يرفضون التغيير. كثيرة هي التحديات التي تكون أمام المسؤول في الفترة الحرجة القادمة. أعرف أحد المديرين يحضر صباحا إلى العمل قبل موظفيه وقبل جهاز السكرتارية الخاص به ويقوم بأعمال الموظفين الناقصة لسد الخلل ويمـكـن الموظفين بكل ما استطاع من جهد ووقت كي يتقنوا المهارات الجديدة، فضلا عن أنه يبث روح الإيجابية والتفاؤل في كافة مكاتب الموظفين عندما يلتقيهم ويطمئن على سير العمل، مثل هذا المسؤول مطلوب في المرحلة القادمة على كافة المستويات الإدارية. تقدم جامعة قطر خدمات المكتبة الالكترونية التي تسمح بالدخول على الآلاف من مكانز المعرفة وبنوك المعلومات تتضمن الملايين من الكتب والمقالات العلمية، أعجبني منها بحث حول إدارة الأفراد والقيادة قام به باحثون من جامعة أمستردام – نيذرلاند هولندا مفاده: أن الناس هم أعظم أصول المؤسسة أو الوزارة، وهذا يعني ضغطا أكبر على المدير، فهو عليه أيضا الحفاظ على الخبرات الموجودة معه واستثمارها. لنا في نبينا الكريم قدوة ونهج في إدارة رأس المال البشري، عندما كان يقسم المهام بين صحابته بحرفية عالية بناء على مواطن القوة عند كل منهم، فيوكل للقوي الفتوحات كما في جيش خالد بن الوليد، ويوكل للمفوه رسائل الدعوة كما العلاء الحضرمي، ويوكل للمحنك قرار حفر الخندق كما في سلمان الفارسي، وغيرها من الاستثمار الأمثل للخبرات المتاحة على اختلاف أنواعها. متعة العمل مع الناس لها مذاق فريد لن يشعر بطعمه إلا من حرمه بعد تجربة، ثمة استراتيجيات تزيد من إنتاجية الموظفين خلال المرحلة القادمة وتحقق أهداف المؤسسة منها: الاعتراف بأدائهم وتقدمهم يعني لا تحبطهم، إعطاؤهم الثقة، واعتبارهم جزءا من الصورة الكلية للمؤسسة، مساعدتهم على التوازن بين العمل وحياتهم الخاصة، تكريمهم على منجزاتهم، الاهتمام بمناسباتهم الشخصية، تقييمهم بشكل متبادل، دعم ابداعاتهم ومبادراتهم حتى وان كانت أقل من المتوقع. آخر المطاف: قد يؤلم الفرد مسك الأمواس، لكنه يألفها مع الزمن ويحترفها. عيدكم مبارك [email protected]