15 سبتمبر 2025

تسجيل

جيل الانتصار

02 أغسطس 2013

حينما اعتقل عبد الناصر الآلاف من جماعة الإخوان المسلمين في عام 1954، اعتقل معهم مجموعة من اليهود. ودار بين قادة الإخوان وهؤلاء اليهود حديث حول حرب فلسطين 1948 وأسباب انتصار اليهود فيها. فقالوا للإخوان إننا نعرف أن هذا الانتصار لن يدوم طويلا لأنه سيأتي جيل يحقق قول نبيكم وينتصر علينا، لكن هذا الجيل لم يأت بعد. تذكرت هذه القصة وأنا أشاهد المذابح التي ترتكبها قوات الشرطة والجيش المصري أمام الحرس الجمهوري والنصب التذكاري بالقرب من ميدان رابعة العدوية. حيث وجدت جيلا من الشباب لا يهاب الموت، بل ينطلق إليه كأنه يريد أن يحتضنه لكي يسقطه أرضا ويهزمه من أجل قضيته التي يؤمن بها. لقد رأيت نماذج من الشباب الذين يحرصون على الموت كحرص كثير من المسلمين وغير المسلمين على الحياة. فهذا أحد الشباب الذي لم يبلغ التاسعة عشرة من عمره يذهب إلى منطقة الاشتباكات بين قوى الأمن وبين المعتصمين الذين وقفوا كالأسود حتى لا تتقدم تلك القوات شبرا واحدا لفك اعتصام رابعة العدوية. وأخرج هذا الشباب من جيبه ورقة مكتوب فيها رقم تليفون والدته وناولها لرجل قريب منه، وقال له إذا نلت الشهادة فاتصل بوالدتي وقل لها إني أحبها واطلب منها ألا تغضب مني فقد مت دفاعا عن ديني وحريتي. وقبل أن يكمل كلماته أصابته طلقة في الرأس، فاحتضنه الرجل الذي سمعه يقول له يا شيخ:" اثبتوا والله الجنة حلوة" ثم فارق الحياة. وهذا شاب آخر أصيب مرتين بالغاز الذي تطلقه قوات الأمن والذي يثير الأعصاب. وحينما كان يأتي إلى المستشفى الميداني للعلاج كان الطبيب يمازحه قائلا: إذا لم تستشهد فلا تأت إلى مرة أخرى. وجاءه في الثالثة مصابا بالخرطوش فقال له الطبيب ألم أقل لك إذا لم تستشهد فلا تأت إلي. فرد عليه قائلا: ماذا أفعل إنهم لا يجيدون التصويب. ثم جاءه في المرة الرابعة وقد كسرت ذراعه فقال له الطبيب: لن تستشهد اليوم فاجلس في الميدان ولا تذهب إلى هناك مرة أخرى. لكنه رد عليه قائلا: لن أرجع هذه المرة إلا شهيدا. وبالفعل عاد مع ستة آخرين من الشهداء. هذا الإصرار على الشهادة يعني أننا بالفعل أمام جيل يحب الموت في سبيل الله. إنه جيل الانتصار الذي سيبعث به دين الإسلام ليسود العالم مرة أخرى. ولن تستطيع قوة في الأرض أن تقف أمامه.