12 سبتمبر 2025
تسجيلتسمع بين الحين والآخر بعض الأصوات المنكرة التي تدّعي – زوراً وبهتاناً – بأن الرئيس الشرعي "المعزول" محمد مرسي قد فشل في إدارة الدولة في مصر وهو الأمر الذي عجّل في المطالبة بإسقاط حكمه من قبل أدعياء الديمقراطية من الليبراليين والعلمانيين وغيرهم من أعداء الدين الذين لا يريدون لمصر أن تكون بلداً إسلامياً ولا يريدون للشريعة الإسلامية أن تطبق فيه، وهو الأمر الذي عجّل حدوث الانقلاب العسكري "الخائن" من الجيش المصري بقيادة السيسي وبتخطيط صهيو أمريكي واضح وبتمويل خليجي خبيث. ولو افترضنا جدلاً أن فشل رئيس ما هو مبرر لإعطاء الذريعة لكل الذين فشلوا "انتخابياً" وفق العملية الديمقراطية التي يتحدثون عنها ويطالبون بها ولكل عملاء الوطن من أن ينتهزوا تلك المسألة في الاستحواذ على الحكم بالقوة العسكرية والتواطؤ مع كل أعداء الوطن من أجل أن يفوزوا رغم سقوطهم وأن ينتصروا رغم هزيمتهم، فلو كان الفشل هو المبرر لكل ذلك لكانت الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من الدول الكبرى في العالم ساحة للانقلابات العسكرية والتغييرات الديكتاتورية نظراً لأن العديد من رؤساء الدول فيها جاءوا بعد حملات انتخابية وعدوا فيها الناخبين ببرامج اقتصادية واجتماعية وسياسية وغيرها ولكنهم لم يحققوا من تلك البرامج والوعود شيئاً يذكر، ولكن الأمر لا يجري هناك كما تريده أمريكا والغرب أن يجري في مصر وفي دول العالم الثالث، حيث يستمتعون بضرب القيم الأخلاقية والمبادئ الديمقراطية عرض الحائط، بما يملكونه من أدوات خبيثة لتغيير اتجاه اللعبة حسب ما يريدون ووفق ما يشتهون، وأهم تلك الأدوات هي تلك العناصر "العميلة" و "الخائنة" لوطنها ولدينها التي تساعدهم في تنفيذ مخططاتهم من أجل منصب أو حفنة من الأموال يبيعون من أجلها كل شيء ممكن.. حتى وإن كان شرفهم وكرامتهم. إن مصر بلدٌ عظيم بلاشك وإدارة الحكم في بلد مثله ليست بالأمر الهيّن ولا اليسير، ولكن البعض يرى أن من الأخطاء التي فعلها الرئيس محمد مرسي أنه كان متهاوناً بل وطيّباً جداً مع تلك الفئة "الضالة" والخارجة على القانون من الشعب المصري التي أرادت أن تعيش على السرقة والرشاوى – كما هو حال أغلب رجال القضاء والأمن والجيش في الدولة القديمة والحكومة السابقة - وعلى الانحلال والدعارة – كما هو حال أغلب أهل العفن الفني من الممثلين والممثلات بالإضافة إلى العاملين في مجال الإعلام بشكل عام – وعلى الكذب والتضليل – كما هو حال أغلب العاملين في قنوات التلفزة المصرية والإخبارية منها تحديداً – كل تلك الفئات كان واضحاً أن الرئيس محمد مرسي لم يتعامل معها جيداً بالشكل المطلوب من الردع والزجر لانشغاله قطعاً بأولويات الدولة الكبرى مثل معالجة مشكلات الخبر والكهرباء والغاز فضلاً عن الانشغال بمشاريع النهضة الاقتصادية التي كان يعكف عليها كما في مشروع قناة السويس أو سد النهضة على نهر النيل فضلاً عن العمل على وقف تصدير المنتجات الغذائية من أجل الاكتفاء المحلي ولإدارة عجلة التنمية محلياً وإنعاش الصناعة المصرية من جديد في كل المجالات، وهو في حدّ ذاته هدف عظيم يتطلب جهوداً جبّارة وعملاً متواصلاً ولكن أعداء مصر في الخارج والداخل لا يريدون لمصر الخير ولا أن تنهض من جديد لذا قاموا بتحريك رموز الفساد مثل البرادعي وعمرو موسى من أجل "التخريب" على جهود الرئيس وإيقاف مساعيه في هذا الاتجاه، ولكنهم لم يجدوا من الرئيس محمد مرسي ذلك الالتفات إلى "نعيقهم" و "نباحهم" فأخذوا يستميلون الشارع ويحدثون المزيد من الغوغائية والفوضى مستميلين في طريقهم كل سارق وكل فاجر فلم يتبعهم في دعواهم تلك أي عاقل أو شريف، وهذا شأن الإسلام عموماً فخصومه هم في الغالب من الكفار والمشركين والمنافقين - الذين لا يؤمنون بإله أو يعترفون بدين - أو من الفجّار وأهل الفسق والمجون من الذين لا يريدون للدين أن يحدّ من شهواتهم الحيوانية ولا من غرائزهم البهائمية. (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) حفيظ لما استودعتني وعليم بما وليتني، إنها تزكية يوسف عليه السلام لنفسه عندما وجد أنه الأفضل في تولّي شؤون مصر والمحافظة على خزائنها وخيراتها، وكما قيل في مدح موسى عليه السلام (إن خير من استأجرت القوي الأمين) حيث اجتمعت فيه القوّة والأمانة، فالقوّة مطلوبة في الحكم وفي إدارة شؤون البلاد والعباد ولكنها إن لم تحجمها الأمانة والمسؤولية على أموال الناس فقد تكون قوّة طاغية متجبّرة كما هو شأن أغلب الحكّام قديماً وحديثاً، وهو ما كان ينقص – من وجهة نظري – المشروع أو التغيير العظيم الذي كان ينوي الرئيس محمد مرسي إحداثه في مصر حيث كان يتطلب ذلك التغيير سلسلة من الحزم والردع والقوّة تستخدم أمام تلك القوى الظلامية الغوغائية الفوضوية التي كانت تسبب الفتنة بين الشعب وكانت تحرّض على الرئيس محمد مرسي ولم تجعله قادراً على التركيز في إدارة الدولة ناهيك عن أن تلك الفوضى لم يكن مقصوداً منها إلا تعطيل مسيرة النهضة وتضليل الرأي العام والتحريض على الرئيس الشرعي وبالتالي فإن العلاج الصحيح معها هو القوّة بكل ما تحمله هذه المعاني من مضامين سواءً بالتضييق عليها أو عزلها ومنعها أو اعتقالها ونفيها إن لزم الأمر، وكما نقل عن عبد العزيز الرنتيسي رحمة الله عليه حين سئل عن خوض حركة حماس للانتخابات (سنخوض الانتخابات حينما تكون بنادقنا قادرة على حماية الصناديق) وقد حدث فعلاً ما كان يخشاه الرنتيسي من ضياع الأصوات وضرب للديمقراطية عرض الحائط عندما فاز الإسلاميون في الحكومة الفلسطينية وحظي إسماعيل هنية برئاسة الوزراء ووقف سداً منيعاً في وجه عملاء الاستسلام للعدو الصهيوني الذين لم يعجبهم الوضع بالطبع فأطاحوا بتلك الحكومة المنتخبة، الأمر الذي استدعى بعد ذلك أن تقوم حركة حماس بفرض سيطرتها على قطاع غزّة وقادها إلى مزيد من العداء والحروب مع الصهاينة وعملائهم في الجانب الفلسطيني، ولهذا فإن الإسلاميين في مصر يعيشون تجربة مماثلة لما حدث في غزة والجزائر وتركيا، ولهذا فإن الحركة أو الصحوة الإسلامية يجب أن تتسلّح بالقوّة المطلوبة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) لضمان تحقيق العدالة والنهضة وتطبيق شرع الله في الأرض في حال تولّي الحكم مجدداً بإذن الله في مصر وفي سائر بلاد المسلمين.