17 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تصريحات اللواء السعودي المتقاعد أنور عشقي الذي سطع نجمه مؤخراً والمقرّب من دوائر صُنع القرار في الرياض تشي بأن هناك تفكيراً جاداً في السعودية بات يرى بإسرائيل حليفاً ممكناً لمواجهة التهديد الإيراني في المنطقة على اعتبار أن ايران هي مصدر التهديد المشترك بين السعودية ومن دار في فلكها وإسرائيل. هكذا تقفز إسرائيل فجأة إلى صدارة الاحدث كخيار وحيد متاح أمام نخب حاكمة ومتعددة المشارب في دول عربية ينطبق عليها القول العربي المأثور "كالمستجير من الرمضاء بالنار". فالسيد أنور عشقي الذي زار إسرائيل علانيةً لا ينفك عن تكرار اسطوانة مشروخة تفيد بأن إسرائيل لم تعتدِ في يوم من الايام على السعودية! وكلام هذا الرجل "الاستراتيجي" يعكس جهلا بأبجديات الفكر الاستراتيجي إذ يبدو أنه مصاب بعمى ألوان، فإذا كانت إسرائيل لا تشكل تهديدا للاستقرار الاقليمي باحتلالها وتوسعها وتنكرها للحقوق الفلسطينية فكيف يفسر السيد أنور عشقي في هذه الحالة دعم السعودية للمجهود الحربي العربي في الفترة السابقة؟! هل استفاقت السعودية فجأة من سبات عميق واستنبطت أن الحل هو إسرائيلي أو أن الطريق إلى واشنطن تمر عبر تل أبيب؟! طبعا هنا لا أقلل من الخطر الإيراني، وكتبت غير مرة أن فكيّ الكماشة الايراني والاسرائيلي يشكلان مصدراً رئيساً للتهديد في المنطقة برمتها. كان الأمر سيكون مختلفاً بالنسبة للكثيرين لو أن إسرائيل احترمت مبادرة السلام العربية، فالمبادرة بطبيعة الحال هي سعودية بامتياز إذ اقترحها ولي العهد السعودية آنذاك الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حتى يخفف من الضغط على بلاده بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وبالفعل جاءت المبادرة بناءً على اقتراح كان قد قدمه الكاتب الامريكي اليهودي من صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان اثناء لقائه بولي العهد السعودي في عام 2002. غير أن الرد الاسرائيلي المباشر لتبني العرب لهذه المبادرة التاريخية (والتي بموجبها تخلى العرب عن حق العودة) كان صاعقاً، فما أن اعلنت قمة بيروت عن تبنى مبادرة السلام العربية حتى اجتاحت قوات شارون المدن الفلسطينية في عملية السور الواقي واطبقت الحصار على الرئيس ياسر عرفات الذي بقي محاصراً في المقاطعة حتى فارق الحياة. وكأن الصلف الإسرائيلي لم يكن كافياً إذ فرضت إسرائيل حصاراً على غزة وهو حصار الاعداء والأخوة ايضا والذي انهك الفلسطينيين. لم تحرك السعودية ساكناً ازاء الحصار البحري والجوي والبري على غزة، فهزيمة حماس كانت مطلوبة عربياً وظل موقف الدول العربية الرئيسة يتمحور حول فكرة أن أي انتصار لحماس يعني انتصاراً لحركة الاخوان المسلمين عموماً الأمر الذي ما زال يقض مضاجعهم. تفهم إسرائيل جيدا كيف تفكر النخب الحاكمة في محور دول الاعتدال وهي تستثمر ضعفهم وحاجتهم لإسرائيل لدفعهم لتغيير منطق الامور: أي التطبيع مع اسرائيل أولا ومن بعد ذلك لكل حادث حديث! لو كانت إسرائيل بالفعل تقيم وزناً لتحالف من هذا النوع لقبلت بمبادرة السلام العربية، غير أن الوضع أكثر تعقيدا من ذلك، فإسرائيل التي انتقل فيها مركز وثقل السياسة إلى اليمين لديها مشروع مختلف، فهي ما زالت بصدد استكمال آخر حلقات المشروع الصهيوني القائم على الاستيلاء على أكبر قدر من الأرض الفلسطينية والحفاظ على يهودية الدولة في الوقت ذاته. بمعنى آخر، للحفاظ على يهودية الدولة في اكبر رقعة جغرافية ممكنة هناك ضرورة اسرائيلية للتخلص من السكان الاصليين! فكما قالت العرب "البعرة تدل على البعير". ويبقى السؤال الأهم وهو: هل ستحارب اسرائيل إيران نيابة عن السعودية؟ أشك في ذلك!