01 نوفمبر 2025
تسجيلإن الرحمة إذا كانت من الله ابتداءً وتفضلا ونعمة من الله تعالى على عباده، فينبغي أن تكون بين عباده المؤمنين صفة ملازمة لأخلاقهم ومعاملاتهم، ما أجمل أن تكون الرحمة متمثلة في سلوكنا وتعاملاتنا، إنها الرحمة المنشودة بين الأب وأبنائه والزوج وزوجته، إنها الرحمة بين الرئيس ومرؤوسيه، فالإنسان هو المستخلف في هذه الأرض لتعميرها فهو يعمرها بالخير ويهدمها بالشر ،إن كل بشر منا يرغب في إحراز النجاحات إما على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع، فللنجاح طريق تتجلى معالمه في الإدارة الناجحة ونجاح الفرد وراءه إدارة ناجحة ونجاح الأسرة خلفه قائد ومدير لها ناجح، ونجاح المؤسسة وراءه إدارة ناجحة، وعندما كان الإسلام منظومة فكرية وعملية متكاملة، كان للإدارة حيز خاص وواسع فيه نظمت شؤون المسلمين وأحوالهم طبقا لتعاليم الإسلام وقيمه وآدابه، ومن المبادئ التي أصَّل لها الإسلام خير تأصيل الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل من ولِيَ أمْرا ومنهم المدير المسلم، وهي في الحقيقة أصول وقيم ينبغي أن يراعِيَ تطبيقها كل مسلم في أي مستوى إداري سواء كان رئيسا أم مرؤوسا مديرا أم أجيرا.إن الأخلاق العظيمة في الإدارة هي الممارسة الإدارية في أدائها الأعلى والأسمى والأرقى بحيث تحول الجسم الإداري إلى حالة يتحد فيها الأفراد ليشكلوا جسما واحدا ويعملوا لتحقيق هدف واحد في انسجام تام معزز بمشاعر الود والحب، فيكونوا مصداقا حيا لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم " مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء في السهر والحمى" وفرق بين أن تثق بمن معك وبين أن تحبه، إن التراحم والمحبة بين الأفراد في المؤسسة الواحدة يجعل الأفراد يؤدون وظائفهم بشغف واتفان وإيثار فتصبح المؤسسة جزءا من كيانهم، فالمدير أو السؤول في العمل هو واحد من الناس يجب عليه ما يجب عليهم، ويحرم عليه ما يحرم عليهم وله ما لهم من الحقوق، وإن كان يتميز عنهم في دوره الذي يؤديه ومسؤولياته التي يتحمل عبئها، وهذا لا يعطيه فضيلة عليهم ليتبجح بها ويستطيل على الناس بسببها ويصاب بجنون العظمة جراءها، وإن كان له من فضيلة فهي التقوى فسيرحم من معه وينشر بينهم روح التعاون والمحبة، إذا فالمدير المسلم لا يجب أن يتأثر بموقعه الإداري ومنصبه التنظيمي لأنه في النهاية أيا كان موقعه هو عبد لله كبقية عباد الله تعالى يؤدي وظيفته ويتقرب بها إليه سبحانه وتعالى وهو مسؤول بين يدي الله، وأسمى من هذا كله أن يتحول الرئيس إلى قدوة صالحة في أدائه الإداري وفي أخلاقه العملية، فعند هذا المستوى يذوب الأفراد فيه وهنا لن تجد فرقا من الناحية النفسية والشعورية بين الرئيس والمرؤوس، وإن كان من فرق فهو فرق إداري ظاهري وحسب ،وهذا يعد أعلى مراتب الإدارة التي ستكون قادرة بلا شك على الإبداع والتطوير وفعل المعجزات، فيكون سببا لسعادة البشرية لما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع وهذه الأيام المباركة أيام شهر رمضان والتي نتعلم من خلالها الخلق الكريم، فالمسلم الحق يتصف بالخلق الحسن تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن ،فالمسلم الصادق التقي الخلوق مهذب دمث مرهف الشعور لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس بل تجده رفيقا بإخوانه ولا يقصر في حق أحد ،فإن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله ويعلم أن الله عز وجل مطلع على الخفي من الأسرار فيستحي منه قبل حيائه من الناس المطلعين على الظاهر من أخباره ،فالإنسان الحق الخلوق لطيف متأنٍّ رفيق بالناس حين يحسن اللطف ويستحب الرفق وتحمد الأخلاق ،ذلك أن اللطف والرفق خصال حميدة يحبها الله في عباده المؤمنين.