14 سبتمبر 2025

تسجيل

محبة المال (3)

02 يوليو 2015

لا تظهر فائدة المال، ولا يُنتفع به إلا بالإنفاق، ولولا ذلك لما ابتغاه أحد، هذا ما يقرره المنطق السليم، والفكر القويم، والله جل وعلا يقول: (وأنفِقُوا منْ ما رزقناكم من قبل أن يأتيَ أحدكمُ الموت...) الآية، وذلك في غير آية، وفي هذا قال صفيُّ الدين الحِليّ:لا تُخْزِنوا المالَ لقصدِ الغنى وتطلبوا اليُسرى بعُسراكُمْفذاك فقرٌ لكم عاجلٌ أعـاذنـا اللــه وإيـّـاكـُـمْما قال ذو العرشِ اخزُنُوا بل أَنفقوا مما رزقناكمْولاحظ أن الشاعر قيّد نهيه عن خزن المال، بقصد طلب الغنى، على وجه الخصوص؛ لأن ذلك أولاً يشوبه شح وطمع، ويصاحبه فقر وحرمان، وثانياً، لأنه لا بأس من خزن المال وجمعه، إن كان في سبيل تحقيق غرضٍ شريف، ولا شك أن المقصود بالإنفاق، هو الإنفاق في وجوه الخير والإحسان والمعروف، ويدخل فيه من باب أولى الإنفاق على النفس ومن تعول، وعدم التقتير عليها مع تحذّر التبذير، وفق القاعدة القرآنية: (ولا تجعلْ يدكَ مغلولةً إلى عُنُقِكَ ولا تبْسُطْها كلَّ البسطِ فتقْعُدَ ملوماً محسوراً)، فلا مَنْعٌ ولا إسراف، ولكن أعطِ كل ذي حق حقه، وكن كعباد الله الذين مدحهم في كتابه فقال سبحانه:(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)، والمؤمن كلما أنفق يبتغي به وجه الله، فهو له صدقة يؤجر عليها، حتى ما يُطعم نفسه فهو له صدقة، وما يطعم ولده وأهله وخادمه فهو له صدقة، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: (إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقةً يحتسبها كانت له صدقة)، وهذا يدل على أن الأعمال في الإسلام معتبرة بالنية، كما جاء ذلك في الحديث المعروف (إنما الأعمال بالنيات).ويقول حسان بن ثابت رضي الله عنه، موضّحاً أن العِرض مُقدمٌ على المال، وأن الأخير يُستخدم لصَوْنه وحفظه:أصونُ عِرضي بمالي لا أدنِّسُهُ لا باركَ اللهُ بعدَ العرضِ بالمالِأحتالُ للمالِ إنْ أودى فأجْمَعُهُ ولستُ للعرضِ إن أودى بمحتالِومما يجب أن يعلم، أن الإنسان مستخلفٌ في المال من الله تعالى، وأن المال له سبحانه، قال عز من قائل: (وأنفقوا مما جعلَكُم مستخلفين فيه)، وقال أيضاً: (وآتوهم من مالِ اللهِ الذي آتاكم)، فالمال وديعة، وعارية مستردة كما قال لبيد بن ربيعة:وما المالُ والأهلونَ إلا ودائعٌ ولا بد يوماً أن تُرَدَّ الودائعُ