20 سبتمبر 2025

تسجيل

حرص النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ على أمته

02 يوليو 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما إن استقبل النبي صلى الله عليه وسلم نداء التكليف، وما إن تحمل مسؤولية البلاغ، حتى جعل هذه المسؤولية الكبرى شغله الشاغل، وعمله الذي لا ينقضي، فملأت عليه فكره ووجدانه، وطفق يبحث عن الطرق المثلى، والوسائل الفضلى لهداية العالمين، حتى أشفق عليه ربه فناداه: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى } [طه: 1 ـ 2].تألم النبي صلى الله عليه وسلم من صدود الكافرين، وعناد المستكبرين، فمع جلاء الحق ووضوح برهانه، وظهور منطقه وقوة بيانه، ومع تلطف الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته، ومخاطبته مشاعر المشركين وقلوبهم، وتواصله مع عقولهم وضمائرهم، إلا أنهم اختاروا ظلمة الكفر على نور الإيمان، ودنس الضلال على طهر الهدى، فخفف الله من حزنه، وهون الخطب عليه، بأنه سبحانه إليه المصير، وهو من يجازيهم في الآخرة، قال عز وجل: { وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } [لقمان: 23].فلا تحزن يا رسول الله عليهم، ولا تلتفت إلى مكرهم، أو تعبأ بكيدهم.{ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [المائدة: 68].ولكن الرحمة التي فاضت على قلب النبي صلى الله عليه وسلم تعاوده، فيمتلئ قلبه حسرة وألمًا وهو يعاين مصير هؤلاء الأشقياء الضالين، ويتفطر فؤاده وهو يعلم عاقبة أولئك المعاندين.{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا } [الكهف: 6].فيخبره سبحانه أن مفاتيح القلوب الموصدة، وطريق العقول الجامدة بيد خالقها سبحانه، فما ضل ضالٌّ إلا بعلمه، وما اهتدى مهتدٍ إلا بتوفيقه. { فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[فاطر: 8].ولكن رحمة النبي بأمته، وشفقته عليها، ورجاءه لها: يزيد ألمه، ويضاعف عناءه، فيقرر الله تعالى حقيقة إيمانية عظمى، ليسكن بها قلبه، ويريح من خلالها فؤاده: { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [الأنعام: 35]. لقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يبتغي على دعوته مالًا، ولا يرجو من البشر أجرًا، فكل ما على وجه الأرض حطام زائل، وعارية مؤداة، ورسول الله يحتسب كدَّه وعناءه، ويدخر جهده وبلاءه؛ ليكون له النصيب الأوفى، والجزاء الأعلى عند مولاه سبحانه. { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ } [سبأ: 47]لقد بعث الله تعالى كل نبي إلى قومه خاصة، وكانت تكاليف الرسالة لا تعدو أمته، ولكن شريعة الإسلام، ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم قد تخطت حاجز المكان، وتجاوزت عنصر الزمان، وتعدت أجناس المخلوقات، فجاءت رسالته صلى الله عليه وسلم للعرب والعجم، والإنس والجن، للأبيض والأحمر والأسود، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ومن أول نقطة في الشرق إلى آخر نقطة في الغرب، منذ أن أُرسل صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة، قال سبحانه: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ } [سبأ: 28].