14 سبتمبر 2025

تسجيل

كن ربانيا بعد رمضان

02 يونيو 2019

ما أسرع مرور شهر رمضان ! هذا الضيف الكريم انقضى سريعًا بأجوائه الرُّوحانية، ونفحاته الربانية، والقلوب الخاشعة، والمساجد الممتلئة بالمصلين في صلاة القيام والتهجد. وهنا نسأل أنفسنا سؤالا مهمًّا: هل هذه العبادات خاصة برمضان دون غيره من الشهور؟ والجواب: إن رب رمضان هو ربُّ شوال وباقي الشهور، فيجب المداومة على عبادته وطاعته في كل الأوقات؛ فالله تعالى يقول في كتابه العزيز: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر: 99]. فالعبادة هي الحال الذي يجب أن يداوِم عليه المسلم؛ لأنه خُلِق من أجْلِها وإنما في رمضان يزيدُ من الطاعات والعبادات؛ ليتزوَّد بالتقوى، ويزدادَ قربًا من ربه عز وجل، وهل تُقبَل صلاةُ ودعاءُ وقراءةُ وذِكرُ مَن كانت نيَّتُه الانتكاس والتراجع بعد رمضان؟! فيجبُ أن نكون ربانيين بعد رمضان؛ قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79]. فالربانيون هم أولئك الذين أخلصوا لله تعالى في عبادتهم، فعبَدوه وحده بحقٍّ وصدق واستمروا على ذلك حتى الممات. والربانيون هم العلماء العاملون الذين يخشَوْن الله حقَّ خشيته. ويكون المسلم ربانيًّا بعد رمضان بالتوبة الخالصة وبالعزيمة الصادقة وبالمواظبة على الطاعات، والمحافظةِ على الصلوات، والسعي إليها في المساجد، وبالالتزام بالوِرْدِ اليومي من القرآن، وبالمداومة على الذِّكْرِ والاستغفار، وليست العبرةُ بالكثرةِ، ولكن بالصدق والإخلاص؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُها وَإنْ قَلَّ))؛ متفق عليه. لتكن ربانيًّا بعد رمضان عليك بالمداومة على العمل الصالح، فدوَام اتصالِ القلب بخالقه سبب لمحبة الله عز وجل، وتعهد النفس من الغفلة، واجتناب الفحشاء والمنكَر، وسبب لمحو الخطايا والذنوب، كما أنها سبيلٌ للنجاة من شدائد وأهوال يوم القيامة، وسبب لحُسْن الختام، وأن يستظلَّ المؤمنُ تحت عرش الرحمن، وبه يُيَسَّر الحساب. فاللهم اختِمْ بالصالحات أعمالَنا، ويسِّرْ حسابَنا، ويمِّنْ كتابَنا، وارفَعْ في الجنة درجاتِنا يا رب العالمين.