30 أكتوبر 2025

تسجيل

روحانيات الصائم "الفقير الجائع"

02 يونيو 2017

الصيام له روحانيات كثيرة تُربِّي النفسَ وتُهذِّب العقلَ وتُصفِّي القلبَ من حب الدنيا والانغماس في ملذاتها. ومن أكثر الروحانيات تأثيرًا على النفس الشعور بالجوع والعطش في نهار رمضان، حيث تُشعِرك بالفقير الجائع الذي يكون جوعه وعطشه طوال العام دون أن يشعر به غيره. فيفرض الله علينا جميعًا الصوم ليجعلَنا متساوين في شهر رمضان، وليشعر الغني بإحساس الفقير فيرقُّ قلبه، وتتربَّى نفسه وتخضع وتذل لربها وخالقها سبحانه وتعالى، ويتفقَّد الفقراءَ، ويزيد من البذل والعطاء لهم. فهذا الشهر هو بالنِّسبة للفقراء موسم الجود الذي يفيض عليهم، مما أعطى الله الأغنياء، وفتح لهم من أبواب الرِّزق الواسع، والنِّعَم الكثيرة، وهؤلاء الفقراء يحتاجوننا بشدة الآن أكثر من أي يوم مضى، فقد ارتفعت الأسعار، وصَعُب الحال وأصبحت أمور المعيشة تتطلب أموالًا كثيرة، وهنا يظهر دورنا بشكل واضح، فيجب علينا أن نساعد الفقراء، ونكون في عونهم، ونُظهر لهم من العطف والمحبة ما يُطمئِن قلوبهم، وأقل ما يمكن أن نقدمه هو البسمة المرسومة على وجوهنا لهؤلاء الضعاف الذين يحتاجوننا كما نحتاجهم، فهم سبيل لدخولنا الجنة، ولو كانت تلك المساعدة بابتسامة بسيطة كما يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ».وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «كَالقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ» متفق عليه. فالعطف على الفقير يعادل سهرك ليلًا وتعبك أثناء وقوفك بين يدي الله تصلي وتدعوه، ومثل الصائم الذي لا يفطر، فلك أن تعدَّ كم تلك الحسنات التي لا تنقطع بسبب مساعدتك البسيطة للفقير والمسكين بقدرٍ من المال أو الحديث الطيب أو العمل البدني كمساعدتهم.وحبذا أن تكون مساعدتنا للفقراء بتوفير أعمال لهم تغنيهم عن الحاجة، فما أحسن أن يتجمع أكثر من شخص في صدقة تفيد شخصا على المدى البعيد، تعينه على حياته كلها، ولا تسد حاجته فترة قصيرة، حتى نحقق حكمة الصوم في شعورنا بالفقير؛ لنعطف عليه ونرحمه وخصوصًا في هذا الشهر الكريم. فتصدقوا وأطعموا الجائع الفقير والمسكين الحزين يرحمكم الله ويغفر لكم ويُعتِق رقابَكم من النار بإذنه تعالى.