30 أكتوبر 2025

تسجيل

حمدين صباحي ومناطحة الفرعون ؟

02 يونيو 2014

لم نعجب أبدا للفوز الانتخابي الكبير للمشير عبدالفتاح السيسي في انتخابات الأيام الثلاثة التي سبقت ذكرى حرب وهزيمة الأيام الستة! كما لم نستغرب النسبة المئوية العليا للفوز وهي نسبة التسعينيات المعتادة عربيا وشرق أوسطيا!! فذلك من عزم الأمور ولكون المخرج (عاوز كده)!. وهكذا تحول المشهد المصري تحولاته الدراماتيكية وفق صيغة (توتة توتة.. خلصت الحدوتة)! ولكن العجب والحيرة قد انبثقت مع متابعة المرشح الآخر والوحيد السيد حمدين صباحي، وهو يحتج ويطعن في النتيجة الانتخابية في مشهد سوريالي فيه تجاوز وخروج كبير على النص والسيناريو المتفق عليه سابقا من أجل إنتاج وإخراج فيلم انتخابي معروفة نهايته قبل أن يبدأ، وهي خاتمة حفظناها من متابعة أفلام (الترسو) لوحش الشاشة المصرية الراحل فريد شوقي! حمدين وهو يتظلم ويشكو لا يريد أن يعلم بأن أهل العسكر ومنذ عام 1952 بعد أن تحولوا لدولة حقيقية هي من تقود الدولة المصرية من الباطن ولا يمكن لمدني مهما كان أن يهزمهم أو يناطحهم في عرشهم السلطوي، وأعتقد أن السيد صباحي يعرف جيدا مصير الخبير القانوني الكبير عبدالرزاق السنهوري حينما تعرض للإهانة الفظة من ضباط تلكم الأيام الانقلابية العاصفة! للأسف ما أكثر العبر والتجارب في التاريخ المصري المعاصر وأقل الاعتبار وأخذ العظات أو التعلم من دروس التاريخ، لقد كان واضحا منذ انتصار ثورة 25 يناير عام 2011 وبتلك السرعة الثورية الشعبية المدهشة من أن صنف العسكر وقد أخذتهم المفاجأة لن يصمتوا أو يستسلموا أو يعودوا لثكناتهم ويمارسوا واجبهم الحقيقي ومهنتهم الأصلية في الدفاع عن الحدود والأمن القومي! كما أنهم لن يسمحوا لأفندي مهما كان بأن يلامس جدران معابدهم الفرعونية، فكانت التكتيكات والمشاورات ثم الاستعدادات لمهرجان خلط الأوراق الكبير ولتعبيد الطريق للثورة المضادة مستغلين الظروف الصعبة التي تعيشها مصر وهي تئن من تجارب ستين عاما من الحكم الشمولي والسياسة الفوضوية الاقتصادية والاجتماعية وتراكم الأزمات مما عجل بتعبيد الطريق للانقلاب على الشرعية الشعبية ولو على جثث المصريين وتطلعاتهم ونكبتهم بحاضرهم بعد ماضيهم! هل لأن حمدين لا يعرف فعلا أبعاد اللعبة السلطوية المتفق عليها ضمنيا؟ أم أنه قد اندمج في الدور حتى صدق نفسه بأنه كان فعلا على أبواب قصر عابدين! وبأن التزوير والخروق الانتخابية وحدها هي من قلبت الأمور..؟ وهل كان السيد صباحي وهو يتابع حفلات الزار وحملات التأييد والمهرجانات الإعلامية الرثة التي تمجد بالعسكر ومن يمثلهم يتصور فعلا بأنه قادر على مناطحة قلاع الفرعون التي تمتلك الموارد والمؤسسات والمصانع وشبكة رجال الأعمال والإعلام وكل مؤسسات وقوى الدولة المصرية العميقة!! لقد كان الأمر بسيطا وواضحا وشفافا ولا سر فيه يتمحور حول عقيدة واحدة توحد القطرين وهي استمرار سطوة العسكر على السلطة وتحت شعار (خلي السلاح صاحي)! ولكن ضد من؟ طبعا ليس ضد من يتربص بمصر شرا، بل ضد الجماهير المتعبة المكافحة الكادحة، وضد الشباب الطامح لمصر عزيزة وقوية ومهيبة الجانب بشرعيتها وديمقراطيتها، وضد تطلعات قوى التغيير التي تصورت للحظات بأنها قد اقتنصت لحظات التغيير الفاصلة في التاريخ، فإذا بالفراعنة الجدد قد أزاحوا الغبار عن مومياواتهم وخرجوا بحلة مدنية جديدة ليمارسوا نفس سياسة أهل 23 يوليو 1952 الذين لم يورثوا لمصر سوى الخراب وأي خراب أكثر من عسكرة الدولة والمجتمع وفرض عقلية القطيع وتسويق منطق الزعامة الملهمة في وضع وظروف لم تعد ملائمة مع ذلك التصور؟ لقد تغير العالم طوليا وعرضيا، أما أهل الانقلاب في عالمنا العربي التعيس فمازالوا يحنون لعصر رجوع الشيخ لصباه!. فهل يستفيق السيد حمدين من حلم الرئاسة الافتراضية ويصحو على واقع وحقيقة من أن الجنرالات لن يتركوا مصر تتعافى، ولكن برغم كل عوامل الحيرة والإحباط والتباس المواقف والتصورات، فإن المصريين يمتلكون القدرة الكاملة على تصحيح المسار، قد يستطيع البعض خداع بعض الناس لبعض الوقت، ولكنهم لن يستطيعوا أبدا خداع كل الناس وفي كل الأوقات.. شعب مصر لن يخذل نداء الحرية، أما لسان حال مرشح 3% السيد صباحي فهو خير من يقول على رأي الراحلة أم كلثوم: تفيد بأيه يا ندم ** وتعمل إيه يا عتاب!!