19 سبتمبر 2025
تسجيلتابع العالم بشغف واهتمام محاكمة القرن أو محاكمة الرئيس السابق لمصر حسني مبارك، والحقيقة أن تفاصيل المحاكمة التى تملأ الصحف اليوم لا تعنيني كثيراً، وإنما الذي يعنيني ومعي الكثيرون من الناس أن تتحقق إرادة الله سبحانه وتعالى فى كل طاغية جبار، مهما طال تجبره، ومهما عظم بطشه، وأيضا هي رسالة لطاغية سوريا: أن مصيرك لن يكون افضل حالاً من مبارك أو القذافي أو علي صالح أو أى جبار ظالم: نسي أن الله يمهل ولا يهمل. وهذه الكلمة تحديداً مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفْلِته. قال: ثم قرأ: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم شديد". الراوي: أبو موسى الأشعري، المحدث: البخاري.. وقال تعالى: "وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ" (الحج:48). ويقول العلماء قد يغتر الظالم بظلمه سنوات طوالاً، يظلم عباد الله، والله يمهله بحلمه عليه، ويستره بستره فإذا به، يتمادى الظالم في غيه وجبروته، وينسى أن الله يمهل ولا يهمل.. ينسى كيف انتهى الجبابرة الطغاة الظالمون؟ وكيف انتهى الأكاسرة والقياصرة والفراعنة؟ فأين من دوخوا الدنيا بسطـواتهم وذكرهم في الورى ظلم وطغيان؟ أين الجبـابرة الطاغون ويحهمـو.. وأين من غــرَّهم لهوٌ وسلطانُ؟ هل خلَّد الموت ذا عـز لعــزته.. أو هل نجا منه بالسلطان إنسان لا والذي خلق الأكوان مـن عدم.. الكل يفنى فـلا إنس ولا جان، فمن يستطيع أن يفلت من قبضة الله جل وعلا إذا أخذه؟ إن الظلم مرتعه وخيم، ودعاء المظلومين مستجاب ولو بعد حين، جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) رواه البخاري (1425) ومسلم (19) لا تظلمن إذا ما كنت مقتــدراً.. فالظلم مرتعه يفضي إلى الندمِ تنام عينك والمظلــــوم منتبه.. يدعـو عليك وعين الله لم تنمِ، والله يمهل الظالم ولا يهمله، حتى إذا أخذه لم يُفْلِته: "إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ"(الفجر:14) قال ابن عباس رضي الله عنه: "يسمع ويرى.. يعني يرصد خلقه فيما يعملون، ويجازي كلاً بسعيه في الدنيا والأخرى، وسيعرض الخلائق كلهم عليه فيحكم فيهم بعدله، ويقابل كلاً بما يستحقه، وهو المنزه عن الظلم والجور"، فلا يعذب أحداً بغير ذنب: "وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (الجاثية:22)، "فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ" (العنكبوت:40)، "مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً" (نوح:25) أي بسبب ذنوبهم أغرقوا. وهذه المحاكمات هي عبر وعظات لكل صاحب بصيرة ونظر، وليست باباً للشماتة والانتقام الاعمى، وهى ايضا إنذار لكل من يظن أن الدنيا تعطي فقط فهى ايضا تأخذ لأنها دار شقاء وتعب وليست دار رخاء وسعادة فقط، وانتقاك الله يكون الدرس لحاكم ويكون أيضا لأمة فمن هؤلاء الأمم المكذبة: "أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ" على قدره، وبعقوبة مناسبة له، "فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً" أي عذابا يحصبهم كقوم عاد حين أرسل اللّه عليهم الريح العقيم، و"سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ" (الحاقة:7)، "وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ" كقوم صالح، "وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ" كقارون، "وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا" كفرعون وهامان وجنودهما، "وَمَا كَانَ اللَّهُ ليَظْلِمَهَم" أي ما ينبغي ولا يليق به تعالى أن يظلمهم لكمال عدله، وغناه التام عن جميع الخلق "وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" منعوها حقها التي هي بصدده، فإنها مخلوقة لعبادة اللّه وحده، فهؤلاء وضعوها في غير موضعها، وأشغلوها بالشهوات والمعاصي، فضروها غاية الضرر من حيث ظنوا أنهم ينفعونها" وأخيراً لا نملك إلا أن نحمد الله سبحانه على تحقيق إرادته فى خلقه وعباده، ودعوة الى كل مسؤول أو رئيس ان يتقيَ الله من هم مسؤول عنهم، بألا يظلم أحداً منهم، وأن يعامل الجميع بشرع الله وسنة رسوله وندعو لهم بالهداية وندعوه سبحانه الا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، إنه نعم المولى ونعم النصير.