10 سبتمبر 2025

تسجيل

عالم الوهم زائل

02 مايو 2024

بين اليهود والفلسطينيين هناك عالمان. عالم الوهم في التوراة والتلمود من حكايات أسطورية صنع به اليهود لهم تاريخا ودولة فيما بعد، حين اتحدت السياسة الأوروبية في الخلاص منهم، على حساب الشعب الفلسطيني الحقيقي صاحب الأرض. قدمت السينما العالمية كثيرا من الأفلام عن هذه الأساطير لعالم الوهم، مما قد يجعل الإنسان غير المثقف أو غير الواعي بالتاريخ، يعتقد أنها حقيقة. لم يكن ذلك لإغراء هذه الحكايات فقط، لكن لأن السينما العالمية تسيطر عليها أموال رجال الأعمال من اليهود، الذين عرفوا ما لاقوه في أوروبا من عنت وظلم عبر السنين، فقرروا أن يكونوا رجال المال ورجال الصحافة والإعلام والسينما. أي المؤثرين في العالم. صنعت هوليود أفلاما مثل الخروج ويعقوب وقصة داوود وسدوم وعمورة وبن هور وسالومي وغيرها، وأفلاما أيضا من العهد الجديد أو الإنجيل عن المسيح ومريم العذراء. لاحظ قلة الأفلام عن الإسلام والمسلمين في السينما العالمية. ليس لأننا نرفض تصوير الأنبياء والصحابة، فهذه الأفلام ليست صناعة عربية، وربما لا تجد فيما استوحي من مسيرة الإسلام في السينما العالمية غير فيلم «الرسالة» لمصطفى العقاد. طبعا لدينا أفلام مصرية وعربية عن ذلك ومسلسلات شهيرة، لكنها نادرا ما تخرج إلى العالم. على المستوى الحقيقي لم يكن اليهود محبوبين في العالم، وصورتهم في الآداب العالمية هي صورة المرابين والمتآمرين وتجار البشر، ورغم أن هذه الصورة انحسرت بعد تدشين دولة إسرائيل، إلا أن احتمال عودتها قائم بعد ما جرى ويجري في غزة. الفن عادة مغرم بما هو غير عادي، وحكايات التوراة والتلمود تدخل في ذلك مما لا يوجد عليه أي أثر حقيقي في فلسطين. جاء الإسلام في وقت عُرفت فيه الكتابة بعيدا عن الجدران، وكانت تتم بالمداد على الجلد وأخشاب النخيل حتى ظهر الورق من البردي أو غيره، ومن ثم ففرصة الوجود في التاريخ ليست في حاجة إلى خيال يخترعونه عن الرسول الكريم أو الصحابة، ففتوحاتهم وبطولاتهم وهزائمهم أيضا يمكن كتابتها في الوقت نفسه، وتوفرت مع دول الخلافة الإسلامية الكتب والمخطوطات التي مهما كان الخيال في قصصها، فالقارئ يفصل بين الخيال والحكايات الشعبية من جهة، وبين الحقائق في التاريخ من جهة أخرى. مع ظهور الإسلام تجد الحقائق التاريخية. وقع العالم الغربي في أبشع مغالطة فأقام من خرافات بني إسرائيل عالما حقيقيا على حساب أصحاب العالم الحقيقي. وكل قادة اسرائيل والصهيونية العالمية يعرفون أنهم يبنون حقيقة على وهم، فاستخدام الدين هو أسرع حصان لبلوغ الهدف، فما بالك وحكاياتهم المصبوغة بالدين لا يعقلها عاقل. هل يقبل عاقل لعنة سيدنا نوح لابنه حام لأنه رآه نائما انكشفت عورته فلم يغطها، بينما غطاه ابنه سام فعظمه نوح هو وذريته، ونذر حام بالضياع هو ونسله من بعده. هل يقبل عاقل القصة أصلا؟ وهل يمكن أن تكون هذه القصة الخرافية برهانا على حق الصهاينة أو حتى اليهود في دولة بلا كنعانيين أو فلسطينيين. لقد ترك لنا الفلسطينيون تاريخا من الشعر والأدب والفن التشكيلي والسينما لا يزال بيننا ولن يتوقفوا عنه، ويزداد عدد الكتاب والفنانين الفلسطينيين الآن وسيزداد إبداعهم رغم المجازر، بل وبسببها أيضا، وستظل حقاق التطهير العرقي الذي يقوم به الصهاينة لا يمكن الخلاف عليها في الدنيا، ويكفي ما يحدث في العالم الآن من احتجاجات على ذلك، وهي احتجاجات تدخل بالعالم إلى مرحلة جديدة من السياسة سنراها في السنوات القادمة. أولها خسارات سيحققها اليمين المتطرف الذي يحكم كثيرا من هذه الدول. عالم الوهم زائل..