انـتـظـارك مـو خـسـارة

ساعات الانتظار من أصعب الساعات التي تمر بالإنسان، وهي تختلف من موقف لآخر بالرغم من أن الآلية واحدة؛ وهي الانتظار، بعضهم ينتظر مسافرا طال به الغياب، والبعض ينتظر نتيجة اختبار نهائي كان قد درس له أياما، هناك من ينتظر مولودا على أحر من الجمر كي يصنع ابتسامة وهناك من ينتظر بضاعة قد أبحرت من مصدرها لتصل اليه في متجره، ومريض ينتظر الشفاء من الله بعد أن تفرس في أعين الطاقم الطبي الذين يلبسون جميعهم الكمامات. في أغلب الدول السياحية أو المتقدمة هناك ما يسمى خدمات (اللا انتظار) وهي خدمات مدفوعة لمن لا يريد أن يقف في الطابور الطويل، وهي حاليا متاحة أيضا عن طريق التطبيقات الالكترونية الحديثة والكثيرة. وفي الاقتصاد يقل الانتظار عندما يزيد العرض عن الطلب، ويستغرق الشخص البالغ في غير زمن الكورونا ما متوسطه خمس ساعات ونصف في طابور كل شهر، حيث يستغرق الوقوف في طابور السوبر ماركت أكبر قدر من الوقت. على مدار العام، يقف الشخص البريطاني العادي في الطوابير لأكثر من 67 ساعة - أو ما يقرب من ثلاثة أيام، ومن الجدير بالاهتمام التبحر فيما يسمى: نظرية الأرتال أو نظرية الطابور. قد يصحب الانتظار شيء من القلق، فانتظار الجرسون ليأخذ طلبك، وانتظار الأطفال بعضهم لبعض لدخول دورة المياه، وانتظار التاكسي أو الأوبر، وانتظار فنجال القهوة بعد وجبة الفطور، حتى انتظار المصعد في مقر العمل وقس على ذلك، فكل مواقف الحياة هي انتظار، لأنه عندما يبحث أكثر من شخص عن نفس الشيء، تتشكل قائمة انتظار، باستثناء الانتظار الذي غنى به عبدالمجيد عبدالله (انتظارك مو خسارة مو ظلم) فهو يندرج تحت علم النفس الإيجابي والتلذذ بانتظار المحبوب. صدرت مجموعة من الكتب التي تشمل موضوع الانتظار بالأمل ومدى تأثير النظرة الإيجابية للفرد خلال هذه الفترة، فضلا عن إحسان الظن بالله من منظور إسلامي كما في كتاب الدكتور مسعد أبو الديار. ويوجد أيضا على أرفف المكتبة كتاب باسم سيكولوجية الأمل الذي ألفه، مشاركا أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة قطر، الدكتور عاطف الشربيني، وغيرها العديد من النتاج الأدبي والتربوي الذي يسهم في توجيه سلوك الانتظار. المؤمن يعرف من أين تؤكل الكتف، فبما أن الانتظار واقع لابد منه فإن استثمار هذا الوقت بما ينفع هو الخيار الأمثل، واستثمار الوقت له صور كثيرة أهمها ذكر الله بالطريقة المضاعفة كأن يقول سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، فلو ذكر الفرد التسبيحة الواحدة بمثل هذا فإنه يأخذ أجر التسبيح بعدد من ذكر، فضلا عن ذكر الله واقترانه بعدد كل شيء وملء كل شيء. وهناك صيغ عديدة يمكن اختيار أي منها لاستثمار وقت الانتظار، كي لا يكون الانتظار خسارة. آخر المطاف: الأمل هو الرغبة في حدوث شيء معين ننتظره ونرجوه، بالإضافة إلى الاعتقاد أو التوقعات الإيجابية التي تمكننا من الحصول على ما نريد، وزراعة الأمل في النفس واجب كما أن زراعته في الآخرين هو قيمة مجتمعية راقية. فما تدري ما يمكن أن تحدثه كلماتك الملهمة في شخص ينتظر بصيصا من الأمل، ولا تعلم ما تفعله ابتسامتك السمحة في نفس شخص محبط، ولا تشعر ما يؤثر ما تقوم به من سلوك إيجابي يعتبر خيط أمل لغريق في بحر الحياة الواسع، لا تبخل بصناعة السعادة والأمل فيمن ينتظر. السؤال: من في حياتك حاليا انتظاره ليس خسارة؟. همسة: كل شيء في حياتنا له حكمة، فلولا وجود السيئين ما عرفنا قيمة الرائعين. دمتم بود. [email protected]