10 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا يمكن القول اليوم بأن مركز النظام العربي في مصر، أو في العراق، بل هو حتمًا في الخليج، وبشكل رئيسي في السعودية، التي تملك مقومات الدولة القائدة في المنطقة، فهناك العامل الجغرافي، حيث المساحة الجغرافية الشاسعة، واشتراك السعودية في حدود برية وبحرية مع العديد من الدول، وهو ما يجعل منها محور ارتكاز إستراتيجي بين مناطق مختلفة، كما أن هناك العامل الديني، حيث الأماكن المقدسة، التي تضفي على السعودية أهمية وزعامة إسلامية، وهناك العامل الاقتصادي، وسلاح النفط، الذي استخدمته السعودية في أدوات سياستها الخارجية مرات عديدة، وما زالت تستخدمه، وهناك العامل العسكري، حيث شهدت القوات المسلحة السعودية تطورًا ملحوظًا في العقود الأخيرة، بانت نتائجه في عملية عاصفة الحزم.وحقيقة الأمر، فإنه حدث تحول في "أدوار" الدول العربية خلال الفترات الأخيرة، فبعد أن كانت السعودية تقوم بدور "الدولة المساندة" في فترات سابقة، مثل دورها المساند في إستراتيجية العمودين المتساندين، أو كما كان يطلق عليها سياسة "العمود والنصف" One Pillar and half diplomacy، في إشارة إلى دور السعودية المحدود، أصبحت السعودية بعد ذلك ثقلًا إقليميًا في المنطقة، حيث أسهمت بعض المتغيرات في الوصول إلى هذه المحصلة، أهمها الطفرة النفطية في منتصف السبعينيات، والتي نتج عنها زيادة القوة الاقتصادية السعودية، واتفاقيات كامب ديفيد في نهاية السبعينيات، والتي أدت إلى تراجع الدور المصري، وسقوط نظام الشاه في عام 1979، والذي أدى إلى ظهور "فراغ أمني" في المنطقة، وأسهم في ترسيخ العلاقات بين واشنطن والرياض، وتطوير الترسانة العسكرية السعودية، كما أسهمت حرب الخليج في عام 1991، والاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003، في تراجع الدور العراقي في المنطقة، في مقابل تنامي الدور السعودي فيها. وأخيرًا أسهمت قدرة السعودية في السيطرة على انعكاسات ثورات الربيع العربي إلى حدٍ كبير، خصوصًا في مصر واليمن والبحرين، في زيادة ثقتها بالقدرة على القيام بدور "الدولة القائدة"، ومن ناحية أخرى، أفرز التقارب الأمريكي الإيراني، والتغير الملحوظ في الموقف الأمريكي، والدور الإيراني الروسي في سوريا، حالة من الارتباك لدى دول الخليج العربية، نتج عنها زوال التحفظ "التاريخي"، لديها لقيام السعودية بالدور القيادي في مواجهة هذه التطورات، إضافة إلى وجود عامل داخلي لا يقل أهمية، وهو تغير القيادة في السعودية ووصول عناصر "طموحة" إلى دائرة صنع القرار، لديها الطموح والرغبة في زيادة الثقل الإقليمي للسعودية، والخروج من "الصندوق" الأمريكي. ولا شك بأن رؤية السعودية الإستراتيجية لعام 2030، طموحة إلى حد كبير، وتحقق الغرض الذي يتوافق مع دور "الدولة القائدة"، خصوصًا من جانب إدراكها بأنه لا يمكن الاعتماد على النفط لفترات دائمة، وأنه لا بد من تنويع مصادر الدخل القومي، بشكل يضمن استمرار قوة الدولة، ولكن من الملاحظ على هذه الإستراتيجية هو تركيزها على الشق الاقتصادي، وإغفالها للبعدين الاجتماعي والسياسي، ومن الضروري لأي دولة تسعى إلى لعب دور قيادي أن تعمل على علاج مكامن الخلل وعوامل الضعف فيهما.