11 سبتمبر 2025
تسجيلأخيرا استطاع اليمن أن يتصدر قائمة الأخبار في العالم وأن يحتل العناوين الرئيسية في كل نشرات الأخبار، عبر بوابة الحرب الدامية التي تحطم اليمن وتحيله إلى نار ورماد. لم يستطع فقر اليمن ولا غرقه في الفوضى والفاقة والبؤس أن يحرك نشرات الأخبار والصحفيين والإعلاميين ووسائل الإعلام من أجل نقل ما يجري هناك، ففي تلك الظروف لم يكن اليمنيون أكثر من أرقام أو إحصائيات، إذا وجدت أصلا، فالأرقام والإحصائيات الصادرة من اليمن نادرة.فقط عملية عسكرية كبيرة وضعت اليمن على الخارطة الإخبارية العالمية، ولكن وللأسف فإن جميع وسائل الإعلام بلا استثناء وقعت في الفخ، ولا يوجد وسيلة إعلام واحدة يمكن الاعتماد عليها كمصدر مستقل محايد دقيق وشفاف للأخبار، وخلال أسبوع كامل من مراقبتي للفضائيات والمحطات الإخبارية والصحف والمواقع، وجدت أن جميعها وقعت في فخ التزييف أو الصمت والإهمال.انقسمت وسائل الإعلام بين مؤيدة للعملية العسكرية "عاصفة الحزم" وبين معارضة لها وبينهما بعض وسائل الإعلام التائهة، التي لا تعرف أبجديات ما يجري هناك، وتقدم أخبارا متناقضة ومتعارضة ومتضاربة، مما يوجب محاسبتها على تقديم "وجبات أخبارية مسمومة أو عديمة القيمة" عما يجري في اليمن.للأسف الشديد لقد سقط الإعلام العربي في اليمن، بـ "الضربة القاضية" أخلاقيا ومهنيا، سقط لأن قسما منه تعمد الكذب، وقسما تعمد التمويه، وقسما تعمد الإهمال، وقسما تجاهل الحقائق على الأرض، وقسما قدمها على أنها حرب نظيفة بلا ضحايا ولا قتلى. وقسما أدمن "الارتزاق" فهو يكتب لمن يدفع.للأسف الشديد .. الإعلام العربي يحاول خداع المواطن العربي في عصر لم يعد فيه إمكانية لإخفاء الحقائق مع توفر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وربما الإيجابية الوحيدة فيما يجري هي سرعة تصحيح المعلومات الخاطئة على الإنترنت من الناس الذين يسكنون في نفس المناطق التي تقع فيها الأحداث، فهم يصححون الصور إذا كتب عليها شروحات غير صحيحة، أو كانت قديمة أو استخدمت في غير مكانها، وأحيانا يكون التصويب مرفقا مع صور فيديو أو صور حقيقية من الموقع.الحرب في اليمن "بطحت" الإعلام العربي أرضا، وركلت الإعلام الأجنبي الناطق بالعربية، وأكدت أن الأداء الإعلامي والصحفي في العربي مشين، فالمواقف والأيديولوجيا تتحكم بالمحتوى الإعلامي بطريقة فجة وصارخة، وهي لوثة أصابت الجميع، فالحالة الإعلامية العربية يرثى لها، وتغطية الحرب على اليمن كشفت المستور، والخاسر الأكبر من هذه الحالة الشعب اليمني، والأمة العربية من المحيط إلى الخليج.أن أكون داعما لهذا الطرف أو ذاك لا يعني أن لا أقول الحقيقة، ولا يعني أن أزيف الأخبار، أو أن أتجاهلها وأنكرها، فحالة الإنكار لا تفيد، فالواقع (والإنترنت) أقوى من أي إنكار وتزييف وتجاهل. وهذا يقودنا إلى الدعوة لضرورة إجراء مراجعات إعلامية كبيرة، فالإعلام العربي يحتاج إلى مراجعة أخلاقية ومهنية، لأن المصائب التي تزلزل العالم العربي أكبر من إنكارها والتعمية عليها أو تزييفها.