15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يمثل "ينبوع الشباب"، الذي نراه يتردد في أساطيرنا العربية مع أخته "شجرة الخلود"، قيمة ثابتة تتكرر في أساطير شعوب العالم المختلفة، ذلك أنه يعبر عن حلم الحياة الأبدية والشباب الدائم، ولعله أقدم وأهم أحلام الإنسان.سكان أمريكا الوسطى الأصليون عرفوا "ينبوع الشباب" في أساطيرهم، وكانوا يعتقدون أنه يوجد في جزر البهاما. وحين اكتشف "كولومبس" جزر الكاريبي انتشرت شائعة في أوروبا مفادها أن كولومبس اكتشف ينبوع الشباب في الأراضي الجديدة، وحين وصل المستكشفون الأسبان إلى "بيرو" دهشوا حين عرفوا أن الهنود الحمر يصدقون بوجوده أيضا، ثم حين سمع القائد خوان بونس أنه في فلوريدا ذهب إليه ولكنه وجد ينبوعا عاديا مازال يسمى باسمه (ويوجد حاليا في منتجع سانت أوجستين)! كان الرجل الأبيض يبحث في العالم الجديد عن "الحياة" ناشراً الموت مع خطواته في كل مكان، ويا لها من سخرية!لكن "ينبوع الشباب" ليس الأسطورة الوحيدة التي نراها تتكرر في التراثين: تراث العرب وتراث سكان أمريكا الأصليين، هناك أيضاً الأساطير المرتبطة بكسوف الشمس، فعندما يظلم النهار كان هنود شيبوا (من سكان أمريكا الأصليين) يطلقون سهاما مشتعلة لإضاءة الشمس، ويحكى أن كسوف الشمس أنقذ المستكشف "كريستوفر كولومبس" من الدفن حيا بواسطة قبائل في جامايكا سئمت تزويده بالمؤن هو وطاقم سفينته التي تحطمت على صخور الجزيرة في العام 1504م، ولأنه كان يعرف بقرب وقوع الكسوف أشار إلى السماء قائلاً إن الله سيغضب إذا حدث له مكروه0 وأظلمت الدنيا وصدق سكان الجزيرة تحذير كولومبس. وبين التشابهات الواضحة بين أساطيرنا وأساطيرهم، نجد التشابه بين "لعنة الفراعنة" كما نعرفها في التراث المصري القديم، ولعنة "كريستوفر كولومبس"، لعنة الفراعنة الأسطورية يقال طاردت ومازالت تطارد الكثيرين من العاملين في حقل المصريات، وبشكل خاص أولئك الذين يقومون بعمل الحفريات بحثا عن مقابر الفراعنة، لقد أقلق "الرجل الأبيض" ملوك مصر القديمة فعاقبوه بلعنتهم، بالضبط كما قطع "كولومبس السياق الحضاري ـ الطبيعي الهادئ والمطرد ـ لسكان أمريكا الأصليين، فطاردوه بلعنتهم.مازالت أصداء المذابح الدموية التي وقعت على أيدي المستكشفين الأسبان تتردد في القارة الأميركية، خاصة في أمريكا الجنوبية، حيث يوجد ما تبقى من المستعمرات الإسبانية القديمة، التي تأسست منذ رحلات كولومبس، ورحلات بعض المغامرين الدمويين من بعده، مثل «هيرنان كورتيس» الذي ارتبطت باسمه مآس بشعة، عن معاملته الدموية، وسبيه لنساء وبنات حكام تلك القبائل وزعمائها ليكن محظيات وخدما في حاشيته، بعد أن يكون قد أذل هؤلاء الزعماء الذين يعتقدون أنهم أبناء الإله الشمس بأشكاله المختلفة. لم يكن هناك حديث عن أي لعنات "هندية" يمكن أن تصيب من غامر بسرقة الذهب والفضة الذي كان يحتوي على الكثير من أسرار حضارية ضاعت حتى قبل أن نتمكن من قراءتها، خاصة الألواح الدينية والملكية التي كانت تعج بها المعابد، ويعتقد أنها كانت تحتوي على تاريخ تلك الشعوب، إضافة إلى الكثير من الأسرار العلمية لحضارات الأمريكيين الأوائل.وما يكشف حجم المأساة أننا الآن نستطيع قراءة النقوش على معابد قدماء المصريين، تلك النقوش المكتوبة بلغة لم يعد يتكلم بها أحد منذ عشرات القرون، في حين لا نستطيع قراءة كثير من متون سكان أمريكا الأصليين، المكتوبة بلغة كانت الشعوب التي تنطق بها تملأ سهوب وجبال بلادها أمريكا حتى قرنين من الزمان تقريباً، وإن كانت معاناتها بدأت مع وصول الرجل الأبيض إلى بلادها قبل أكثر من خمسة قرون، منذ أن وطأت قدما الرحالة المغامر "كريستوفر كولومبوس" أرض العالم الجديد، ولم يمر الأمر من دون انتقام مروع من "كولومبوس" ورجاله. ولتفصيله حديث آخر.