30 أكتوبر 2025
تسجيلأتألم كثيراً عندما أرى بعض أفراد مجتمعنا يقتلون أحلامهم ويجعلونها تحتضر عندما يكبرون بالسن.. فنرى البعض يتخلى عن أحلامه وأهدافه كلما مرت سنة جديدة في حياته، فكم شخص شعر بالخجل من أن يكمل دراسته بجانب من يصغرونه بالعمر!، وكم شخص توقف عن التعلم وتطوير ذاته لأنه وصل لعمر معين!، وكم شخص يخشى أن يلاحق أحلامه البسيطة حتى لا يسمع من يستهزئ به ويقلل من شأنه!.لكل من ودع أحلامه، قبل استقبالها.. أقول "لم يفت الأوان بعد".. في كل يوم هناك فرصة جديدة، وأبواب تنفتح لكل من يجتهد للوصول إليها، فالأحلام لا تعرف عمرا معينا، تتوقف عنده لتودع صاحبها للأبد، بل تعيش معنا وتستمر في قلب كل من يملك الحماس للانطلاق نحو تجارب جديدة كل يوم.التقيت مرة بسيدات تبلغ أعمارهن الستين في إحدى المكتبات الإنجليزية، وانضممت إلى جلستهن فوجدتهن في جلسة لتبادل الخبرات في الفنون اليدوية، فأبديت لهن إعجابي الشديد بطريقة استغلالهن للوقت بعد التقاعد من العمل.. فقالت لي إحداهن: إن هذا ليس الشيء الوحيد الذي نفعله في أوقات فراغنا، فنحن أيضاً نحرص على حضور النشاطات الاجتماعية في المدينة والذهاب إلى النادي الرياضي وتعلم لغات جديدة. أفرحني حديثها جداً وأحببت أن أنقله إلى مجتمعنا، لنمنح من يكبروننا في السن التشجيع والدعم الذي يلزمهم لاستغلال حياتهم وتقاعدهم بعد العمل بما يتمنون عمله وإنجازه في حياتهم الخاصة والاجتماعية أيضاً.أسس راي كرونك أول مطعم "ماكدونالدز" في عمر الثانية والخمسين، وأسس جون بيمبينتون شركة كوكاكولا في عمر الخامسة والخمسين،وأنشأ هارلاند ساندرز مطعم كنتاكي بعمر الخامسة والستين، وأصبح إبراهام لينكولن رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية وعمره ٥١ بعد الكثير من المحاولات الفاشلة التي مر بها قبل ذلك.. هناك الكثير من الأمثلة التي لا تنتهي، لأشخاص لم يجعلوا العمر يعرقلهم في طريق الوصول إلى مايطمحون إليه. كبار السن والمتقاعدون في مجتمعنا هم أساس المجتمع بأكمله.. فنحن نحتاج إليهم لنتعلم منهم ونتعرف على تجاربهم.. لأننا لاغنى لنا عنهم، وأتمنى أن يكون المجتمع معهم لا عليهم، وذلك بدعمهم وعدم التقليل من شأن أحلامهم مهما اختلفت عن أحلام جيلنا الحالي، فالأحلام لا تعترف بالأعمار، بل تعترف بالأرواح المثابرة التي تملك الحماس لتحقيق الأشياء التي تتمناها.إن التقاعد فرصة جميلة لتعويض مافقده الشخص من حياته ووقته في العمل.. فهذه الفترة هي فترة إنشاء المشاريع والأفكار المتوقفة، وتطوير الذات بالعلوم الجديدة، وتعلم اللغات المختلفة، والسفر حول العالم لاكتشاف الثقافات والتاريخ وتأليف الكتب العلمية أو العامة..التي ستصبح مرجعاً للشباب والأجيال القادمة.. فنحن بأشد الحاجة للاستفادة مِمَن سبقونا بالعلم والخبرة والمعرفة.إلى كل من يملك حلماً يدور في مخيلته.. وينام في قلبه كل ليلة.. لم يفت الأوان بعد.. فهناك فرص عظيمة حولنا، مادمنا نتنفس ونعيش على هذه الأرض. يقول مايكل جوردن: "حتى لو وقف جسمي على عكازين فإن عقلي لا يمكنه الوقوف على الهامش".