11 سبتمبر 2025
تسجيلتصر الولايات المتحدة الأمريكية على تصفية القضية الفلسطينية وإبادة الشعب الفلسطيني سياسيا، وتركز كل جهودها على الوصول إلى هذه النتيجة من خلال المفاوضات التي يمكن أن يطلق عليها "مفاوضات القتل الرحيم"، دون إراقة دماء أو دموع أو صراخ أو آهات ألم أو مقاومة.تمخضت 39 جولة من مفاوضات كيري تمخضت عن اتفاق إطار في قذفه الأمريكيون في وجه الفلسطينيين يطالبهم: "الاعتراف بيهودية إسرائيل، وبقاء السيطرة الإسرائيلية على الحدود والمعابر، وبقاء الاستيطان، والسيطرة الإسرائيلية على الأجواء والاتصالات، ونسيان موضوع اللاجئين وعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه"، وهي مبادرة غريبة من نوعها لا يمكن أن يقبلها أي فلسطيني.الراعي الأمريكي للمفاوضات ليس أكثر من ذئب يريد أن يلتهم بالشراكة مع الكيان الإسرائيلي الحمل الفلسطيني، وهذا ما أثار رجلا يتبنى الحلول السلمية حتى النخاع مثل ياسر عبد ربه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية إلى ويدفعه إلى القول، إن العملية السياسية تصطدم بحائط مسدود، حائط الاستيطان والتوسع، وإصرار حكومة إسرائيل على جملة من الاشتراطات التي يعرفون ألا قيادة فلسطينية في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ومعها الشعب الفلسطيني، يمكن أن تقبل بها.. فمطالبة إسرائيل بالاعتراف بدولة يهودية يعني مطالبتنا بإلغاء روايتنا التاريخية وتبني الرواية التاريخية الإسرائيلية عن دولة لا نعرف حتى حدودها.. إسرائيل تريد إقامة جدار في الأغوار شبيه بالجدار القائم حالياً غرب الضفة، كما تريد إبقاء الكتل الاستيطانية التي لا يعرف حتى الوسيط الأميركي مساحتها وحجمها وتتوسع يومياً، والقدس بكاملها تلقى المصير ذاته، مصير الضم واستمرار التهويد. وتساءل: "أي دولة (فلسطينية) يقصدون؟ دولة بلا حدود ولا معابر ولا عاصمة".موقف عبد ربه هو ذات الموقف الذي قاله صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، رغم موافقتهما على تقديم تنازلات خطيرة تطال من حقوق الشعب الفلسطيني، إلا أنه ومع هذا وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود بعد 20 عاما من بدئها، وهي جزء من قرن بشر به إسحق شامير في مدريد عندما قال "سنجعل الفلسطينيين يتفاوضون معنا 100 عام"، مما أجبر وزير الخارجية الأمريكي على قطع جولته الأوروبية والعودة إلى فلسطين لإنقاذ المفاوضات من الانهيار واجتمع مع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطولا دون جدوى ولم يقنعه بتنفيذ ما عليه من التزامات وعلى رأسها إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى وعددهم 104 أسرى مما دفع رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله محمود عباس إلى التوقيع على طلبات الانضمام إلى 15 اتفاقية للانضمام إلى المعاهدات المنظمات الدولية من بين 63 يستطيع الفلسطينيون الانضمام إليها بصفتهم "دولة مراقب" في الأمم المتحدة، وهي خطوة بررها عباس بأنها تأتي ردا على "المماطلة الإسرائيلية" لكنه أردف "وفي نفس الوقت نحن مصرون على الوصول إلى تسوية من خلال المفاوضات"، ثم زاد من التبرير:"لا نريد استخدام هذا الحق ضد أحد ولا نريد المواجهة مع أحد أو الصدام مع الولايات المتحدة، فنحن لا نعمل ضد أمريكا ولا ضد أي طرف آخر. خطوة عباس ليست أكثر من مناورة، ودون أن يضع على الطاولة أي خيار يستدعي المقاومة على الأرض، فعباس لا يرى في الأفق إلا المفاوضات فقط دون أي بدائل.لا أثق بمحمود عباس، ولا أثق بسلطته، والتجربة التاريخية تقول إن هذا الرجل لا يكف عن التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، مما يحتم النظر خلف الأبواب لنعرف ماهية "طبخة السم" المقبلة لإخراج المفاوضات من مأزقها، وما هي التنازلات الإضافية التي سيقدمها، والتي يجب أن يمنعها الشعب الفلسطيني.