12 سبتمبر 2025
تسجيلفي العراق النازف تجري مياه ودماء عديدة ومفجعة تحت كل الجسور والطرق والدروب العراقية المعفرة بالطين والدماء، ففي ظل معارك طائفية ساخنة، وتجاذبات سياسية وعسكرية أشد سخونة، ومع تراقب سيناريو الكارثة الكبرى التي أعلنت عنها السفارة الأمريكية في بغداد باحتمال تصدع وانهيار سد الموصل الكبير! وهو ما سيؤدي لنتائج كارثية غير مسبوقة منذ انهيار الدولة العباسية عام 1258م، فإن التظاهرات الشعبية التي يقودها أنصار مقتدى الصدر في بغداد والمدن العراقية الأخرى قد وضعت الأسس الأولى والمقدمات الموضوعية لحوارات دموية عراقية مرعبة، عبرت عن نفسها بوضوح في سلسلة انفجارات وتفجيرات كارثية حادة في مدينة الثورة الشعبية وفي أشد أسواقها الشعبية ازدحاما. تبعها عمليات تصفية مخطط لها لقادة الحشد الطائفي ولعناصر مرتكبة لجرائم تطهير طائفية مروعة في ديالي، وفي قضاء المقدادية بالذات!، رافقها في الوقت نفسه عمليات لمحاولات اغتيال لعدد من المسؤولين والنواب ومنهم النائبة ابتسام الهلالي من جماعة نوري المالكي في محافظة كربلاء!، وهو ما يعني ضمنيا بأن الصراعات البينية بين قوى الأحزاب الطائفية قد وصل لدرجة تصفيات خطيرة تهدد بمزيد من التشظي والدمار لعملية سياسية باتت كسيحة ومفلسة بالكامل رغم الإدعاءات الحكومية النافية لذلك!، فالإصلاحات التي طال الحديث عنها دخلت في دوامة التسويات والتفاهمات وأضحت مجرد وعود لا أساس لها من التنفيذ والتطبيق الفعلي! في ظل تصاعد الصراعات البينية بين أطراف التحالف الطائفي الحاكم المتورط في متابعة الفاسدين والمفسدين كشعار فقط دون القدرة على ترجمته ميدانيا! لكون أولئك الفاسدين هم نفسهم من يدعون محاربة الفساد في عملية إصلاحية معقدة تفتقر للجدية الحقيقية. وجاء اختراق تنظيم الدولة لمنطقة أبو غريب الحساسة إستراتيجيا ليعيد رسم خارطة الصراع الأمني والسياسي بعد أن أمر مقتدى الصدر أتباعه بإدامة التظاهرات على أبواب المنطقة الخضراء حيث الحكم والسلطة والصولجان وهو ما سيؤدي حتما خلال الأيام المقبلة لصدامات قد تتطور وستتطور لمعارك شاملة داخل المدن العراقية، فحكومة بغداد مهتمة بإدامة تحصيناتها الذاتية دون الاهتمام بحماية التجمعات الشعبية! وما حدث في المقدادية المتوترة طائفيا من استهداف لقادة الميليشيات الطائفية المتهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومقتل عدد منهم سيفجر الأوضاع الطائفية الهشة وسيؤدي لحملة انتقام طائفي لن تتمكن حكومة العبادي من السيطرة عليها، فالحكومة قد عجزت عن إلقاء القبض على مرتكبي الجرائم الطائفية من قادة الحشد الذين قتلوا لاحقا. ويبدو أن الصراعات البينية بين الميليشيات خصوصا جماعات العصائب وبدر وكتائب حزب الله من جهة وجماعة سرايا السلام (جيش المهدي الصدري) ستتفاعل وتتطور لمعارك دموية مروعة سترسم الخارطة العراقية بالدماء، في ظل التهديدات الصدرية المستمرة باللجوء للشارع، وسطوة الميليشيات المتنافسة. العراق اليوم حلبة صراع رهيبة نتيجة الضعف الحكومي المريع وسلسلة الهزائم والتراجعات للجيش الحكومي أمام الجماعات المسلحة التي باتت تعتمد حرب استنزاف وعصابات متعبة ومرهقة اختلطت معها كل الأوراق، ما هو مؤكد وثابت يقينيا بأن مجرى أنهار الدم العراقي العبيط قد فتح وعلى أوسع الأبواب للأسف، فالميليشيات الطائفية بدأت بممارسة الانتقام الأهوج والعشوائي فعليا، وحالة الجهل والتعصب السائد في الأوساط الطائفية قد رسم منهجا لروح انتقامية باتت متفشية في الأوساط الشعبية، وأعتقد أن الحاجة باتت أكثر من ملحة لتدخل دولي حاسم يمنع حمامات دم رهيبة وغير مسبوقة في التاريخ العراقي المعاصر رغم كثرة المصائب التي تهاطلت على رؤوس العراقيين خلال العقود الأربعة الأخيرة.. من يستطيع حقن دماء العراقيين، وسد منافذ الفتنة المتصاعدة ومساربها؟على المستوى الحكومي لا أحد باستطاعته السيطرة على الأمور، لقد أفلتت العفاريت من قماقمها، وبات الوضع العراقي في غرفة العناية المركزة، وحده التدخل الدولي يمكن أن يمنع الكارثة أو يخفف من وطأتها الثقيلة على الأقل.. العراق اليوم للأسف في مهب كل الرياح بعد أن زرعت ميليشيات الموت الطائفية رياح الكراهية لتحصد عواصف الدم والدمار.. العراق بحاجة لمعجزة حقيقية للخلاص من القادم الأسوأ...