15 سبتمبر 2025

تسجيل

السودان: عام طاح وآمال طاحت !

02 يناير 2015

جرت العادة أن يراجع الإنسان، أي إنسان، في نهاية أي عام يمضي من عمره، أن يراجع ماذا كسب في ذلك العام، وماذا خسر؟ وسواء أكان ذلك المكسب أو تلك الخسارة في الجوانب المادية أو المعنوية، ويشترك في هذه الممارسة الأفراد، والحكومات، والدول، والمؤسسات. بل يشترك فيها كل من يمارس نشاطا حياتيا. وهدف الجميع من هذه الممارسة هو الوقوف على مواضع النجاح، ومن ثم العمل على تدعيم الأسباب التي قادت إلى ذلك النجاح وتثبيتها من أجل تحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل. وبالمقابل الوقوف على مواضع الفشل ومعرفة أسباب الخلل الذي قاد إلى ذلك الفشل. عام 2014 كان قاسيا على الشعب السوداني، الذي شحنه رئيسه بآمال عريضة طالت الثريا وهو يحدثه عن مشروع وفاق وطني بهدف الخروج ببلاده من وهدتها التي طالت بلا لزوم. تلقف الإعلام الرسمي الخبر الكبير وأخذ يردح به ليل نهار بلا كلل ولا ملل، حتى تجسمت في المخيلة الشعبية لوحة زاهية لواقع جديد في سودان جديد يتم الوصول إليه عبر بوابة التراضي الوطني المشرعة الأبواب، تديره حكومة انتقالية، تجري انتخابات جديدة، وتلغي القوانين المقيدة للحريات، وتحترم الدستور القائم، وتكتب دستورا جديدا يرتضيه الشعب بكامل اختياره ومشاركته. وتخلي السجون من المعتقلين السياسيين. وتسلم السلطة لمن يختاره الشعب في انتخابات حرة ونزيهة في عودة جديدة إلى الموروث السوداني الديمقراطي القديم الذي كم بهر عالم ذلك الزمن الوضيء. عودة. ومضى عام 2014 بكامله وإعلام السلطة الرسمي مازال يردح عن مبادرة رئيس الجمهورية التي لم ير لها الشعب أثرا على أرض الواقع. حقيقة الأمر كان الصخب والضجيج عاليا ولكن لا طحين، حتى إذا أخذ العام يلملم أطرافه حدث لمبادرة الرئيس ما لم يخطر على قلب أكثر الناس تشاؤما. فقد خرج الرئيس على شعبه ذات مساء وهو ممتلئ بالغضب وأسهب في سب وشتم معارضيه الذين عرض عليهم للتو مبادرة للتراضي الوطني شغلت أذهان الناس كل العام المنصرم، وسط دهشة عارمة عقدت الألسن، وحيرة وحسرة ذهبت بالألباب. وتعدى غضب الرئيس وتملصه من مبادرته كل الحدود حين استعمل لغة غريبة وتحدى معارضيه أن يقابلوه في الميدان. وزاد أن عليهم أن (يلحسوا أكواعهم) إذا أرادوا أن يسقطوا نظامه وهذا تعبير شعبي سوداني غاية في الاستفزاز والاحتقار، لقد طاح عام في حياة العالمين جميع، وطاح في حياة أمل السودانيين أمل كذوب.